المأمون أميرا بخراسان كتب إليه الامين
يستدعيه و يذكر حاجته إليه و انه يريده لأمر مهم تضيق عنه الكتب، و ان جواسيس
المأمون و عيونه ببغداد كتبوا إليه يعرفونه أنّ اخاه الامين يريد تحويل الخلافة
عنه إلى ولده موسى الناطق[1]، فاطلع
المأمون خاصته[2] على
الخبر و استشارهم في امره، فأشاروا عليه ان يثبت مكانه و ينتظر الفرج و يكتب إلى
اخيه[3] و يعتذر
له و يتعلل بأعلال[4]، ففعل
ذلك.
فعلم الامين انه قد فطن لما يراد به و ايس من نجاح[5] مكيدته، فحينئذ دعا الناس إلى خلع
المأمون من عهد[6] الخلافة،
ثم التفت إلى علي[7] بن عيسى[8] بن ماهان[9]
و شاوره في امر خراسان، و كان[10] علي بن
عيسى قد ولي خراسان قبل ذلك، و اصطنع إلى اهلها جلائل الصنائع و غمرهم بالاحسان و
العدل فضمن له ما
[1] - موسى الناطق: ابن الخليفة العباسي محمد الأمين،
بويع بولاية العهد و هو لا يزال طفلا بدلا من عمه المأمون عام 195 ه و لقب بموسى
الناطق بالحق. انظر: الكامل في التاريخ 5/ 142.
[2] - من اشهرهم خزيمة بن حازم، الذي قال للمأمون:« يا
أمير المؤمنين لن ينصحك من كذّبك و لن يغشّك من صدقك، و لا تجرىء القواد على
الخلع فيخلعوك، و لا تحملهم على نكث العهد فينكثوا بيعتك و عهدك، فإن الغادر مغلول
و الناكث مخذول». انظر: تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 276.
و الفخري في الآداب السلطانية،
لابن الطقطقا، ص 213.
[7] - علي بن عيسى بن ماهان: هو أحد اتباع هارون الرشيد
و من كبار رجال دولته، حكم خراسان و كان شجاعا جليلا مهيبا، وليّ خلال عهد الأمين
على همذان و قم و أصبهان و جرجان، و أرسل إلى الري على رأس جيش لمحاربة المأمون و
القضاء عليه، فانهزم جيشه و قتل في المعركة. قارن عنه: البداية و النهاية 10/ 226-
228. تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 277. الفخري في الآداب السلطانية، ص 213- 214.
[9] - هو ابن ماهان و ليس« هامان» كما ورد في
المخطوطات. و الصواب ما أثبتناه. انظر: تاريخ الطبري 7/ 72. تاريخ الخلفاء
للسيوطي، ص 277. الفخري في الآداب السلطانية ص 213.
[10] - و كان علي بن عيسى قد وليّ خراسان قبل ذلك: ساقطة
ط. ق؛ م.- أخبار علاقة الامين بالمأمون: في تاريخ الخلفاء للسيوطي، ص 276- 277.