بلادهم يحمل و يصرف إلى غيرهم. و قد[1] دخلوا تحت حكم الاعاجم، فداخلتهم
الغيرة و الحمية، و عرفوا فضل[2] ما كانوا
فيه، و مشقه ما صاروا إليه، (فبسطوا السنتهم بالسخط)[3]
و توقف المرزبان عن ردعهم لئلا يوحشهم فكان امرهم إلى زيادة. و اما الاركن فإن[4] وزراءه اشاروا عليه بالصبر و كف
الاذى و بسط العدل و الاحسان و بذل المال و الصفح عن المجرم[5]،
و تأليف المستوحش؛ فكانت سمعته تزداد حسنا و النفوس إليه ميلا و الالسنة له شكرا،
و المرزبان بعكس[6] ذلك.
و اتفق ان عاملا[7] من عمال
المرزبان على[8] بعض
الثغور اساء السيرة، فقام إليه ناسك من نسّاك الهند يعظه[9]
فغضب عليه و امر بقتله، فثار اهل البلد على العامل فقتلوه، فبلغ[10] الخبر إلى المرزبان فجاء بجنوده
فانحاز اهل تلك الناحية إلى حصن الاركن، ثم ثارت[11]
الهنود في البلاد على ولاتهم من العجم فقتلوهم، و خرج الاركن من حصنه، فجمع إليه
اهل البلاد و سار المرزبان راجعا إلى بلاده لما قامت عليه الرعية، و خرج من تلك
المملكة.
و عاد[12] الاركن[13] إلى دار ملكه[14]،
فجرى على سنن العدل قامعا للشهوات باذلا للراحات[15]،
مستعملا ما افادته التجارب من الآداب[16]
حتى بلغ اجله.
الحكاية الثانية
لما عزم[17] الامين
على انتزاع العهد بالخلافة من اخيه المأمون، و كان