جاوز حدّه و تعدى طوره إلى البغي و العتو[1]، سلب الدين و أفسد الإيمان و خفض[2] المنزلة و حط المرتبة لأنه يطمس
من المحاسن ما انتشر، و يسلب من الفضائل ما اشتهر، و يوغر[3]
الصدور و يوجب النفور و قد قال[4] رسول
اللّه صلى اللّه عليه و سلم[5]:
لا يدخل الجنة من في قلبه مثقال ذرة من كبر. و قال صلى اللّه عليه و
سلم لعمه العباس رضي اللّه عنه[6]: أنهاك
عن الشرك باللّه و عن الكبر، فإن اللّه تعالى يحتجب عنهما[7].
و حكي[8] أن
سليمان بن داود عليهما السلام جلس يوما على بساطه بجنوده من الأنس و الجن و الطير
و الوحش، ثم أمر الريح فرفعت البساط نحو السماء حتى سمعوا زجل الملائكة بالتسبيح و
سمعوا (صوت قائل)[9] يقول[10]: لو كان في قلب صاحبكم مثقال ذرة
من كبر لخسفنا[11] به أكثر
مما رفعناه.
و قال بعض العلماء[12]: أن
للدولة أمراضا يخاف عليها أن تموت بها أخطرها
[5] - حديث صحيح اخرجه مسلم من حديث ابن مسعود و نصه:«
لا يدخل الجنة من كان في قلبه حبة من خردل من كبر، و لا يدخل النار رجل في قلبه
مثقال حبة من خردل من ايمان». قارن الحديث في الاحياء 3/ 337، 344. العقد الفريد
للملك السعيد، لابن طلحة ص 136.
[6] - حديث صحيح لعبد اللّه بن عمر أخرجه احمد و
البخاري في كتاب الآداب و الحاكم. قارن الاحياء 3/ 337- 338.
[12] - ورد القول في سلوان المطاع في عدوان الاتباع،
لابن ظفر ص 68 بلفظ:« اربعة من استقبلها بالعنف و الردع في اربعة احوال هلك بها:
الملك في حال غضبه و السيل في حال صدمته، و الفيل في حال غلمته، و العامة في حال
هيجانها و مرجها».