و كان معاوية رضي اللّه عنه يقول[1]: إن أولى الناس بالعفو اقدرهم على
العقوبة و ان انقص الناس عقلا من ظلم من هو دونه.
و قيل: إن عظيما من عظماء قريش في سالف الدهر كان يطلب رجلا، فلما
ظفر به قال له: لو لا أن القدرة تذهب الحفيظة لانتقمت منك، ثم اطلقه فحسنت (سيرة
الرجل بعد ذلك)[2].
و غضب سليمان بن عبد الملك[3]
على خالد بن عبد اللّه القسري[4]، فلما دخل
عليه قال[5]: يا امير
المؤمنين إن القدرة تذهب الحفيظة (و انك تجل عن)[6]
العقوبة[7]، فإن تعف
فأهل ذلك انت[8]، و ان
تعاقب فأهل ذلك أنا، فعفا عنه[9].
[1] - نجد القول في تحفة الوزراء للثعالبي ص 58 بلفظ:«
أحق الناس بالعفو من كان اقدر على العقوبة.
و في بهجة المجالس 1/ 371. كذلك
في شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد 4/ 266.
[3] - سليمان بن عبد الملك( 96- 99 ه) تولى الخلافة بعد
اخيه الوليد. اشتهر بحبه للادب و العلم و تقرب من الفقهاء و العلماء. قارن عنه:
مروج الذهب للمسعودي 3/ 183 و ما بعدها. سير اعلام النبلاء 5/ 111. البداية و
النهاية لابن كثير 9/ 166، 177- 174. المختصر في اخبار البشر لابي الفداء 1/ 200.
[4] - خالد بن عبد اللّه القسري( ...- 126 ه) هو خالد
بن عبد اللّه بن يزيد ابو الهيثم البجلي القسري الدمشقي، عمل أميرا على مكة و
الحجاز للوليد بن عبد الملك ثم لسليمان عام 89 ه و كلفه هشام بن عبد الملك بولاية
العراق سنة 106 ه. و في سنة 120 ه عزله الوليد بن يزيد و عيّن يوسف بن عمر الثقفي
خلفا له، و امره ان يستخلص منه الاموال و يتخلص منه فكان له ما أراد، و مات خالد
من التعذيب عام 126 ه. قا عنه: البداية و النهاية 10/ 17- 21. وفيات الاعيان 2/
226. المعارف لابن قتيبة، ص 174 سرح العيون ص 294- 295.
[5] - قا. الحكاية في العقد الفريد لابن عبد ربه 2/
156. و تنسب لزياد في احياء علوم الدين 3/ 184.
ايضا: نجدها في الجواهر النفيس في
سياسة الرئيس لابن الحداد ص 90- 91.