ولّاها و حكّمها. أنفت من الدخول تحت
ولايتها. و عزّ عليها أن تكون رعية لمن كانت تجري عليه أحكام رعايتها. فازورت[1] عن الملك و نأت بجانبها. و أعرضت عن
حسن عادتها معه في الخلوة و جميل مذاهبها. فساءه ما رأى من انقباضها. و كبر عليه
ما بدا من تجنّبها و إعراضها. و لم تسمح نفسه بفراقها. و لا قدر على مغاضاة بواعث
أشواقها. فاستعطفها و استرضاها، و سرّها بجميع مجابها[2]
و أرضاها. و أعادها إلى محل تكرمتها. وردها إلى كر [...][3]
تقدمها. فلما بلغ تلك الحظيّة العاقلة ما فعله الملك مع ضرّتها.
و إحراجه لها من حكم أقضيتها. قامت حتى دخلت عليه و قالت لا شكّ أنه
قد ثبت عند الملك أني أوفى من فلانة عقلا. و أوفر كمالا و فضلا. قال إنه لكذلك.
فما هذا الذي قد بدا لك؟ قالت: فلم صرفتني عمّا كنت وليتني. و ارتجعت مني ما كنت
أوليتني. و نسيت لي طول انتصابي في خدمتك و دأبي. و إفراط تعبي في طاعتك و نصبي. و
مكابدتي في القيام بما فوضته إليّ لظمأي و جوعي.
و مواصلتي لسهري و هجري لهجوعي؟ ثم بعد ذلك أنشدت و قالت[4] [الطويل]:
تبدلت
بي من ليس يحنو ضلوعه
على
مثل ما تحنو عليه ضلوعي
و ليس ذلك لعدم كفايتي و وجود غناها. بل لميلك إليها و طاعتك لهواها.
فإن كان هذا فعلك في أمر مملكتك في توليه من تولّيه من الولاة