فتضاحكن على ذلك فيما بينهنّ خجلا. و تمازحن
على ما كان منهن من العناء الفارغ حتى سمعت لأصواتهنّ زجلا. و قلن له بلفظ واحد:
لا تلمنا فإنّا ظنناك رجلا. فقصر به في ردّ الجواب و انقطع.
و اصفرّ لونه حياء و امتقع. و كانت منهنّ واحدة قد تأخرت عن الحضور.
و أقدمت على الاختلال بهذا المأمور، فلم ينكر عليها مخالفة الأمر. و لا أخذت من
تحقيق الوعيد بما تقتضيه حكمة الزجر.
[الوصيفة الذكية]
فخلا بالملك إحداهن و كانت وصيفة[1]
حصيفة و أديبة أريبة.
قد رزقت في أصل الفطرة ذهنا ثاقبا. و أوتيت من الرأي الصواب[2] سهما صائبا. فقالت له:
إني أخشى- أيها الملك- أن يكون هذا الخلق منك طبعا.
و هذا الفعل سجيّة فيجلب إليك ضررا و يصدّ عنك نفعا. فتفعل في عبيد
مملكتك و رعايا دولتك ما فعلت مع حظاياك فيكون ذلك سببا لزوال ملكك و بواره[3]. و سبيلا إلى انهدام مجدك و دماره.
فقال لها:
و كيف ذلك؟
[الملك و الهزل]
قالت إن من عادة الملوك الفضلا، و ذوي السلطنة النبلا، أن لا