انصراف عنوان القذف عنه قطعاً، قوله في «التحرير» فيما تقدّم عند ذكر هذا القول بعنوان «قيل» الدالّ على الضعف واختياره القول بثبوت الحدّ مطلقاً ممنوع لا دليل عليه. وفي «المغني» لابن قدامة أنّ في المسألة ثلاث روايات:

إحداها: عليهم الحدّ، وهو قول مالك لأنّها شهادة لم تكمل.

ثانيها: لا حدّ عليهم، عن أبي حنيفة وغيره لأنّهم قد جاؤوا بأربعة شهداء.

ثالثها: إن كان ردّ الشهادة لأمر ظاهر كالعمى والفسق الظاهر جلدوا وإن كان لأمر خفيّ كالفسق بأمر خفيّ فلا حدّ عليهم، لأنّه لا يكون تفريطاً منهم، انتهى ملخصاً[1].

وقد يستدلّ على المقصود كما في «كشف اللثام» بما ورد في خبر أبي بصير، عن أبى عبدالله (ع) في أربعة شهدوا على رجل بالزنا فلم يعدلوا، قال: «يضربون الحدّ»[2]، بناءً على أنّ المراد عدم كونهم عادلين على الثلاثي المجرّد أو عدم تعديلهم من ناحية أهل الخبرة بأحوالهم على بناء المزيد فيه ولكنّه مع ضعف سنده بعلي بن أبي حمزة يمكن حمله على غير صورة الفسق الخفيّ.

والعجب من الشيخ (قدس سره) أنّه قويّ في «المبسوط» عدم الحدّ على الرابع الذي هو مردود الشهادة أيضاً[3]، مع أنّ اللازم إجراء الحدّ عليه لعدم خفاء الأمر الخفيّ على صاحبه، اللهمّ إلا أن يكون بحيث إنّه يخفى على صاحبه أيضاً كما إذا كان جاهلًا بأنّ كونه عبداً مانع من قبول شهادته مع كون رقيّته أمراً خفيّاً على الناس، فتأمّل.

الفرع الثاني: دليله واضح، أمّا عدم إجراء الحدّ عليهم فلعدم ثبوت فسقهم، وأمّا عدم ثبوت الحدّ على المتّهم فلعدم ثبوت عدالتهم.

[1]. المغني، ابن قدامة 176: 10، والمراد بالرواية عند العامّة، القول والفتوى.

[2]. وسائل الشيعة 195: 28، كتاب الحدود والتعزيرات، أبواب حدّ القذف، الباب 12، الحديث 4.

[3]. المبسوط 9: 8 ..