اولئك الوعاة طبعاً مع الاحتفاظ بالفوارق الموضوعية بين العمليتين، ولكنهما- على‌ كل حال- حلقتان مترابطتان من عملية التربية الكبرى‌ للبشرية، وعملية بناء فئة تاريخية، تتحمل ثقل تطبيق عمل تاريخي ليست بالأمر السهل وإنما تحتاج الى‌ امور، فما هي تلك الامور؟

4- اهم مقومات التربية الاجتماعية:

العملية التربوية الناجحة تتطلب من المقومات بمقدار سعة هدفها وضيقه، فكلما اتسعت الأهداف، وكلما ارتبطت بعوامل عميقة البعد في النفس والذهن الانسانيين- أي احتاجت الى‌ قناعة فكرية ونفسية أكبر- أوجبت توفر عناصر أكثر.

وان عملية التربية لفئة يراد منها أن تحرك الامة وتشكل عصبها لمن أشد أنواع التجارب تطلباً للجهد واقتضاء للعناصر، فاننا والحالة هذه نحتاج الى‌:

أ- توفر المبدأ الصالح الحي الذي يستطيع بطبعه أن ينفذ الى‌ أعماق الانسان ويتفاعل مع وجدانه ويتحد مع وجوده.

ب- وجود المربي الكبير الذي يشكل وجوده وجود ذلك المبدأ وحركته، الخبير بالأساليب التي يضعها له نفس المبدأ للقيام على‌ التجربة بكل جدارة.

ج- توفر الاستعداد في المواد وموضوع التجربة وتحصل الخبرة بهذا بعد لأي من الاختبار.

د- وأخيراً توفر الجو النظيف لئلا تقوم العناصر الخارجية المتنافية مع روح التجربة بتشويه الصورة، أو الاجهاز على‌ النتيجة.

وهذا العنصر الأخير هو مفتاح السر في جوابنا هذا على‌ المشكلة التي طرحت في البحث السابق.