وهذا
النص يوضح لنا أن المغيرة يشير عليه بذلك قبل مجيئه إلى الكوفة ووضوح الرؤية لدى
الامام عليه السلام آنذاك في قضية معاوية وحديته الواعية تجاهه بما لا يقبل
المناقشة.
كما
أن نصر بن مزاحم ينقل لنا قصة أحد الشاميين إذ يقول للامام: «يا علي، إن لك قدماً
في الاسلام وهجرة، فهل لك في أمر أعرضه عليك يكون فيه حقن هذه الدماء وتأخير هذه
الحروب حتى ترى من رأيك؟ فقال علي عليه السلام
وما
ذاك؟
قال:
ترجع إلى عراقك فنخلي بينك وبين العراق ونرجع إلى شامنا فتخلي بيننا وبين شامنا،
فقال علي عليه السلام:
لقد
عرفت، إنما عرضت هذا نصيحة وشفقة ولقد أهمني هذا الأمر وأسهرني، وضربت أنفه وعينيه
فلم أجد إلّاالقتال أو الكفر بما أنزل اللَّه على محمد صلى الله عليه و آله و
سلم، ان اللَّه تبارك وتعالى لم يرض من أوليائه أن يعصى في الأرض وهم سكوت
مذعنون لا يأمرون بالمعروف ولا ينهون عن المنكر فوجدت القتال أهون علي من معالجة
الاغلال في جهنم فرجع الشامي وهو يسترجع»[1].
فعلي
عليه السلام واثق كل الثقة من الأمر، وأن لا خيار فيه، وتلك الثقة انما هي قائمة
على أساس من وعي كامل لوظيفة الامام العامة كما سيأتي في ذكر الجواب على هذه
الشبهة.
ولقد
كانت الفئة الواعية التي اشربت مبادئ علي عليه السلام والتي التفت حوله تدرك أبعاد
الموقف ادراكاً يتفاوت تبعاً لنسبة الوعي العام وتحديد النظرة إلى علي عليه
السلام كامام يعبر عن الواقع وإلى الواقع بابعاده الحقيقية.