الثاني في المسائل التفريعيّة المستنبطة من المسائل
الأصلية باعمال الاجتهاد و النظر، و الشهرة فيها هي الشهرة المتأخرة، و ليست
بحجّة، إذ لا دليل عليها.
الثالث
المسائل المتصدّية لبيان موضوعات الأحكام و حدودها و قيودها، و الشهرة فيها أيضا
ليست بحجّة، لابتنائها على إعمال الاجتهاد و النظر[1].
فقد
ظهر ممّا ذكر وجه حجّية الشهرة المتقدّمة، و هو كشفها عن دليل معتبر و الوثوق
بصدور الحكم المشهور عن الأئمّة عليهم السّلام.
و
قد استدلّ على حجّيّة الشهرة مطلقا بوجوه نشير الى أهمّها:
الوجه
الأوّل:
«إنّ
الظنّ الحاصل من الشهرة أقوى من الظنّ الحاصل من خبر الواحد، فالّذي يدلّ على
حجّيّة خبر الواحد يدلّ على حجّيّة الشهرة بالأولويّة»[2].
و
فيه: أنّ هذا الوجه مبنيّ على ان يكون ملاك حجّيّة الخبر إفادته الظنّ.
و
لكن هذا المبنى غير تامّ «إذ يحتمل أن يكون ملاك حجّيّة الخبر كونه غالب المطابقة
للواقع، باعتبار كونه إخبارا عن حسّ و احتمال الخطأ في الحسّ بعيد جدّا، بخلاف
الإخبار عن حدس كما في الفتوى، فإنّ احتمال الخطأ في الحدس غير بعيد.
و
يحتمل أيضا دخل خصوصيّة اخرى في ملاك حجّيّة الخبر، و مجرّد احتمال ذلك كاف في منع
الأولويّة المذكورة؛ لأنّ الحكم بالأولويّة يحتاج إلى القطع بالملاك و كلّ ما له
دخل فيه»[3].
[1] - راجع نهاية الاصول: 543، 544، و أنوار الهداية 1:
261، 262.