responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة المؤلف : سبط ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 491

أبناء الدّنيا، فإنّ اليوم عمل و لا حساب، و غدا حساب و لا عمل.

و اعلموا أنّكم ميّتون و مبعوثون من بعد الموت و محاسبون على أعمالكم و مجزون بها[1]، فلا تغرّنّكم الحياة الدّنيا و لا يغرّنّكم باللّه الغرور، فإنّها دار بالبلاء محفوفة، و بالعناء و الغدر موصوفة، و كلّ ما فيها إلى زوال، و هي بين أهلها دول و سجال، لا تدوم أحوالها، و لا يسلم من شرها نزّالها، بينا أهلها منها في رخاء و سرور، إذا هم في بلاء و غرور، العيش فيها مذموم، و الرّخاء فيها لا يدوم، أهلها فيها أهداف- أو أغراض- مستهدفة، و أسبابها مختلفة، و كلّ حتفه فيها مقدور، و حظّه من نوائبها موفور.

و اعلموا عباد اللّه‌[2] أنّكم و ما أنتم فيه من زهرة الدّنيا على سبيل من قد مضى، ممّن كان‌[3] أطول منكم أعمارا، و أشدّ بطشا، و أعمر ديارا، و أبعد آثارا، فأصبحت أجسادهم بالية، و ديارهم خالية، و آثارهم عافية، فاستبدلوا بالقصور المشيّدة و الّنمارق الموسّدة[4] الصّخور و الأحجار في القبور التي خرب فناؤها، و تهدّم بناؤها، فمحلّها مقترب، و ساكنها مغترب، بين قوم مستوحشين، متجاورين غير متزاورين، لا يستأنسون بالعمران، و لا يتواصلون تواصل الجيران، على ما بينهم من قرب الجوار، و دنوّ الدّار، و كيف يكون بينهم تواصل؟ و قد طحنهم البلى‌[5] و أظلّتهم‌[6] الجنادل و الثّرى؛ فأصبحوا بعد الحياة أمواتا، و بعد غضارة العيش رفاتا، قد فجع بهم الأحباب، و أسكنوا التّراب، و ظعنوا فليس لهم إياب، و تمنّوا الرّجوع فحيل‌


[1] - خ: و مجازون بها.

[2] - خ و خ ل بهامش ط: و أنتم عباد اللّه على محجة من قد مضى، و سبيل من كان ثمّ انقضى، ممّن كان أطول ...

[3] - ع: ممّن كانوا.

[4] - خ و خ ل بهامش ط: الموسّدة بطون اللحود و مجاورة الدود، في دار ساكنها مغترب، و محلّها مقترب، بين قوم ...

[5] - ك: طحنتهم البلى.

[6] - ج و ش: أظلّهم.

اسم الکتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة المؤلف : سبط ابن الجوزي    الجزء : 1  صفحة : 491
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست