و
قوله: حبّة لا يساوي حبّة، فليس بهذا السّجع البارد يبطل فضائل أمير المؤمنين
[عليه الصّلاة و السلام].
قلت:
و مع هذا فلا يختلفون أنّ أول من أسلم من الصّبيان عليّ عليه السّلام.
و
قال الزّهري: إنّما أراد[2] أمير
المؤمنين [عليه السّلام] بقوله: «سبقتكم إلى الإسلام طرّا»، تبكيت معاوية، لأنّه
إنّما أسلم هو و أبوه أبو سفيان يوم فتح مكّة[3]
سنة ثمان من الهجرة، و لهذا كان يسمّى الطّليق ابن الطّليق، و كلّ من أسلم في هذا
اليوم و لم يهاجر يسمّى بهذا الاسم، فأراد أن يبيّن حاله لأهل الشّام، و أنّه لم
يزل مع النبيّ صلى اللّه عليه و سلم من أوّل عمره إلى أن توفّي رسول اللّه صلى
اللّه عليه و سلم، و قد شهد المشاهد كلّها، و معاوية و أبوه لم يشهدا مشهدا مع
رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.
و
قد سئل جدّي أبو الفرج رحمه اللّه فقيل له: أشهد معاوية بدرا؟ فقال: نعم، و لكن من
ذاك الجانب- يعني من جانب الكفّار-[4].
[1] - ترجمه المزي في تهذيب الكمال 14/ 138 تحت الرقم
3087 و قال: قال البخاري: فيه نظر. و ذكره ابن حبّان في كتاب الثقات[ 5/ 141].
[4] - قال ابن أبي الحديد في شرح المختار 10 من باب
الكتب من شرح نهج البلاغة 15/ 85- 86: قلت: سألت النقيب أبا زيد عن معاوية، هل شهد
بدرا مع المشركين؟ فقال: نعم، شهدها ثلاثة من أولاد أبي سفيان: حنظلة و عمرو و
معاوية، قتل أحدهم، و أسر الآخر، و أفلت معاوية هاربا على رجليه، فقدم مكّة و قد
انتفخ قدماه و ورمت ساقاه فعالج نفسه شهرين حتّى برئ ...
ثمّ قال النقيب رحمه اللّه: أما
سمعت نادرة الأعمش و مناظراته؟ فقلت: ما أعلم ما تريد؟ فقال: سأل رجل الأعمش- و
كان قد ناظر صاحبا له- هل معاوية من أهل بدر أم لا؟ فقال له: أصلحك اللّه! هل شهد
معاوية بدرا؟ فقال: نعم، من ذلك الجانب.
اسم الکتاب : تذكرة الخواص من الأمة بذكر خصائص الأئمة المؤلف : سبط ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 452