اسم الکتاب : المسائل و الرسائل المروية عن الإمام أحمد بن حنبل في العقيدة المؤلف : أحمد بن حنبل الجزء : 1 صفحة : 78
العمل من
الإيمان فيبينه بقوله: «ثم العمل غير الإيمان و الإيمان غير العمل بدليل أن كثيرا
من الأوقات يرتفع العمل عن المؤمن و لا يجوز أن يقال: يرتفع عنه الإيمان، فإن
الحائض ترتفع عنها الصلاة، و لا يجوز أن يقال يرتفع عنها الإيمان، أو أمر لها بترك
الإيمان، و قد قال لها الشارع دعى الصوم ثم اقضيه، و لا يصح أن يقال دعى الإيمان
ثم اقضيه، و يجوز أن يقال: ليس على الفقير زكاة، و لا يجوز أن يقال ليس على الفقير
الإيمان[1]».
و
يقول أيضا: «الإيمان إقرار باللسان و تصديق بالجنان، و الإقرار وحده لا يكون
إيمانا، لأنه لو كان إيمانا لكان المنافقون كلهم مؤمنين، و كذلك المعرفة وحدها أى
مجرد التصديق لا يكون إيمانا لأنها لو كانت إيمانا لكان أهل الكتاب كلهم مؤمنين
قال اللّه تعالى فى حق المنافقين وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ
الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ[2] أى
فى دعواهم الإيمان، حيث لا تصديق لهم. و قال اللّه تعالى فى حق أهل الكتاب:
الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ[3][4] و
بعد هذا العرض الموجز لمذهب الإمام أبى حنيفة فى الإيمان، قد يتساءل البعض هل هذا
الإرجاء المنسوب إلى أبى حنيفة من جنس قول غلاة المرجئة:
«لا
تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر طاعة»؟ و الجواب لا.
يقول
شارح الطحاوية: و الاختلاف الّذي بين أبى حنيفة و الأئمة الباقين من أهل السنة
اختلاف صورى. فإن كون أعمال الجوارح لازمة لإيمان القلب، أو جزءا من الإيمان، مع
الاتفاق على أن مرتكب الكبيرة لا يخرج من الإيمان بل هو فى مشيئة اللّه، إن شاء
عذبه و إن شاء عفا عنه- نزاع لفظى، لا يترتب عليه فساد اعتقاد[5].