ثانيا:
أنّ هذا المقطع من القصّة جاء بعد إشارة قصيرة إلى نبأ نوح و قومه، تتبعها لمحة
عامّة عن الرسل من بعد نوح و موقف قومهم منهم.
ثالثا:
أنّ المقطع لا يتناول من التفاصيل إلّا القدر الذي يرتبط بموقف فرعون و ملئه من
موسى و المصير الذي لاقاه هؤلاء؛ نتيجة لإعراضهم عن الدعوة و تكذيبهم بها، كما
أنّه يشير إلى نهاية بني إسرائيل الطيبة بعد معاناتهم الطويلة في المجتمع
الفرعوني.
و
بعد هذه الملاحظة يمكن أن نستنتج:
أنّ
القصّة إنّما جاءت هنا من أجل تصديق (الحقيقة) التي ذكرها القرآن الكريم في
مقارنته بين الذين آمنوا و الذين يفترون على اللّه الكذب.
كما
أنّ السياق العام هو الذي فرض مجيء القصّة بشيء من التفصيل؛ لأنّ قصّة موسى تمثل
بتفاصيلها الانقسام بين جماعتين: إحداهما مؤمنة به، و الاخرى كافرة بدعوته، حيث
يقع الصراع بينهما، و ينتهي بغلبة المؤمنين على الكافرين، بخلاف قصص الأنبياء
الآخرين، فإنّها تعرض في القرآن الكريم على أساس أنّ النبي لم يؤمن به إلّا النزر
اليسير من الناس، و لذلك ينزل العذاب بقومه بشكل عام، فهذه القصص تمثل جانبا واحدا
من المقارنة، و هو: جانب المصير الذي يواجهه المكذبون و المنحرفون، بخلاف قصّة
موسى فإنّها تمثل الجانبين معا: جانب المؤمنين