و على أساس
هاتين الملاحظتين يمكن أن نستنتج: أنّ القرآن الكريم يبدو و كأنّه يريد أن يذكر
أهل الكتاب و يفتح الطريق أمامهم؛ ليحقّقوا أهدافهم الصحيحة من وراء الدين و
الشريعة باستجابتهم لدعوة الإسلام، و لا يكون موقفهم كموقف قوم موسى حين دعاهم إلى
دخول الأرض المقدسة، مع أنّها امنيتهم و هدفهم، فتفوتهم الفرصة السانحة، و يصيبهم
التيه الفكري و العقائدي و الاجتماعي في عصر نزول الرسالة، كما أصابهم التيه
السياسي و الاجتماعي من قبل.
و
من هنا نعرف السر الذي كان وراء اكتفاء القرآن الكريم بذكر هذا الموقف الخاص لبني
إسرائيل دون غيره؛ لأنّه هو الذي يحقّق هذا الغرض خصوصا إذا عرفنا أنّ هذه القصّة
ممّا يؤمن به اليهود و النصارى. كما أنّ هذا الجانب من القصّة لم يذكر في القرآن
الكريم إلّا في هذا الموضع.
الموضع
الرابع: [الآيات التي جاءت في سورة الأعراف]
الآيات
التي جاءت في سورة الأعراف، و التي تبدأ بقوله تعالى:
الأوّل:
أنّ القصّة جاءت في عرض قصصي مشترك مع قصّة نوح، و هود، و لوط، و شعيب عليهم
السّلام، تكاد تتحدّد فيه صيغة الدعوة و التكذيب و العقاب الذي ينزل بالمكذبين.