أحدهما:
الجانب الفني لاسلوب القصّة الذي يمكن من خلاله أن يتبين أنّ القصّة القرآنية
تشتمل على جميع العناصر الأساسية في هذا العمل الأدبي الفني.
ثانيهما:
تفسير وجود هذا الخلاف و هذه الظاهرة في اسلوب القصّة في القرآن الكريم.
أما
الحديث عن الجانب الأوّل فهو حديث واسع ذو طبيعة أدبية و فنية، و قد تناولته بعض
الدراسات القرآنية الأدبية الخاصة، أو أشارت إليه بعض الدراسات القرآنية العامة
قديما أو حديثا[1]. و هو خارج
عن حدود هذا البحث القرآني و أهدافه المحدودة.
و
أمّا الحديث عن الجانب الثاني فانّ الملاحظة الرئيسة التي يمكن أن نذكرها و
نؤكّدها هنا هي: أنّ اسلوب القصّة في القرآن الكريم جاء منسجما- بطبيعة الحال- مع
الاسلوب العام للقرآن الكريم الذي يمكن التعرف على ميزاته من خلال الدراسات التي
تناولت هذا الجانب في إعجاز القرآن، و هي أكثر الدراسات القديمة في الإعجاز. و
يأتي في مقدّمة هذه المميزات و الخصائص:
1-
اسلوب مزج الموضوعات و المفاهيم المتعددة بعضها ببعضها في مقطع واحد، و ذلك من أجل
الخروج بصورة متكاملة لهذه المضامين مرة واحدة؛ لما ذكرنا من أنّ القرآن ليس كتابا
علميا، بل هو كتاب تغيير و هداية و رحمة، فهو يمزج الحقائق الكونية بالمعارف
العقائدية، و بالأحكام الشرعية السلوكية، و بالموعظة و الإرشاد و التبشير و
التحذير، و العواطف و المشاعر و الأحاسيس بالعقل و الإدراك من أجل أنّ يزكّي و
يعلّم ليعمل الإنسان و يلتزم طريق الحقّ الَّذِي خَلَقَ
الْمَوْتَ
[1] - انظر كتاب التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد
قطب، و كتاب الإسلام و الفن، للدكتور محمود البستاني.