الاولى: أنّ
هذه المرحلة تميّزت بظاهرة الحواريين، هذه الظاهرة التي لم يذكر القرآن الكريم لها
مثيلا في الأنبياء السابقين كما أشرنا، و من هنا فإنّ هذه الظاهرة تستحق الدراسة و
الوقوف عندها؛ لمعرفة دور الحواريين هؤلاء، و للمقارنة بينها و بين نظائرها في
التاريخ الإسلامي.
و
هذا البحث و إن كان يخرج بنا عن إطار الاختصار فيه، و لكن يحسن أن نشير إلى رواية
معتبرة رواها الكليني في الكافي، يعقد فيها الإمام الصادق عليه السّلام المقارنة
بين خاصتهم من شيعتهم و الحواريين، و يشخّص طبيعة الدور الرسالي الذي قام به حواري
عيسى عليه السّلام.
عن
أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إنّ حواريّ عيسى عليه السّلام كانوا (شيعته)، و
إنّ شيعتنا حواريونا، و ما كان حواري عيسى عليه السّلام بأطوع له من حوارينا لنا،
و إنّما قال عيسى عليه السّلام للحواريين: ... مَنْ أَنْصارِي
إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ ...[1]،
فلا و اللّه ما نصروه من اليهود و لا قاتلوهم دونه، و شيعتنا و اللّه لا يزالون
منذ قبض اللّه- عزّ ذكره- رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم ينصرونا، و يقاتلون
دوننا، و يحرقون، و يعذبون، و يشرّدون في البلدان، جزاهم اللّه عنّا خيرا».
و
قد قال أمير المؤمنين عليه السّلام: «و اللّه لو ضربت خيشوم محبينا بالسيف ما
أبغضونا، و و اللّه لو أدنيت إلى مبغضنا و حثوت لهم من المال ما أحبونا»[2].
الثانية:
ذكرنا في النقطة الرابعة أنّ عيسى عليه السّلام قد قام بإرسال بعض