و الكرامات
الإلهيّة الواضحة، جاءت مريم بولدها الذي كان اللّه- سبحانه- قد سمّاه بالمسيح
عيسى تحمله إلى قومها، فكان التعجب و الاستغراب و الاستنكار من قومها: امرأة لها
سابقة الزهد و العبادة، و الالتزام بالمسجد، و الاحتجاب عن الناس، و الرعاية
الصالحة من زكريا، و ابنة البيت المصطفى من اللّه (آل عمران) لم يكن أبوها امرأ
سوء، و لا كانت أمّها بغيا إذا بها تأتي بمولود لها تحمله على يدها دون زواج أو
سابقة سوء في تاريخها، و لا بغي و إثم في سلوكها!! فهذا شيء فري عظيم الابتداع، و
منكر قبيح لا ينسجم، و مخالف للواقع الذي كانت تعيشه هذه المرأة.
فَأَتَتْ
بِهِ قَوْمَها تَحْمِلُهُ قالُوا يا مَرْيَمُ [أَنَّى لَكِ هذا؟!] لَقَدْ جِئْتِ
شَيْئاً فَرِيًّا* يا أُخْتَ هارُونَ[1]
ما كانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَ ما كانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا.[2]
لقد
كانت حجّة قومها في ظاهر الحال قوية لا سبيل لمريم في الدفاع عن
[1] - ورد في تفسير تسمية قومها لها ب( اخت هارون)
احتمالات أربع:
أحداها: أنّ هارون هذا كان رجلا
صالحا في بني إسرائيل ينسب إليه كلّ من عرف بالصلاح، و قيل: إنّه لمّا مات شيع
جنازته أربعون ألفا كلّهم يسمّى هارون، فقولهم: يا اخت هارون معناه: يا شبيهة
هارون في الصلاح ما كان هذا معروفا منك.
ثانيها: أنّ هارون أخو موسى عليه
السّلام، فنسبت إليه؛ لأنّها من ولده كما يقال: يا أخا تميم.
ثالثها: أنّ هارون كان أخاها
لأبيها ليس من أمها، و كان معروفا بحسن الطريقة.
رابعها: أنّه كان رجلا فاسقا
مشهورا بالعهر و الفساد، فنسبت إليه، و قيل لها: يا شبيهته في قبح فعله. مجمع
البيان 3: 512.