و أصبح موسى
في المدينة خائفا يترقب أن ينكشف أمره فيؤخذ بدم الفرعوني، فينزل إلى المدينة مرة
اخرى فاذا به يواجه قضية اخرى متشابهة، و إذا بالذي استنصره بالأمس فنصره يستصرخه
اليوم أيضا، فعاتبه موسى على عمله، و وصفه بأنّه غوي مبين يريد توريطه و إحراجه.
ثم لمّا أراد أن يبطش بالذي هو عدو لهما (موسى و الإسرائيلي) ظن الإسرائيلي أنّ
موسى يقصد البطش به لا بالفرعوني، فقال لموسى: ... أَ تُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَما
قَتَلْتَ نَفْساً بِالْأَمْسِ إِنْ تُرِيدُ إِلَّا أَنْ تَكُونَ جَبَّاراً فِي
الْأَرْضِ ....[1]. و بذلك كشف الإسرائيلي عن هوية قاتل الفرعوني
الأوّل، و فضح قتل موسى له، فعمل الملأ و همّ عليه القوم على قتله بدم الفرعوني.
و
جاء رجل من أقصى المدينة و أعاليها مسرعا؛ ليخبر موسى بالأمر و يقول له:
... إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ ...[2] و
طلب منه المبادرة إلى الخروج و الهروب من الفرعونيين.
فخرج
موسى من المدينة خائفا يترقب ان يوافيه الطلب أو تصل إليه ايدي الفرعونيين، فدعا
ربّه أن ينجيه من القوم الظالمين.
موسى
في أرض مدين:
و
انتهى السير بموسى إلى أرض مدين، فلمّا وصلها أحسّ بالأمن، و انتعش الأمل في نفسه،
فقال: ... عَسى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَواءَ السَّبِيلِ* وَ
لَمَّا وَرَدَ ماءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ ... و
هم الرعاة ... يَسْقُونَ وَ وَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ