الأنبياء أنّه
مكث في قومه هذه المدة الطويلة يدعوهم إلى اللّه و يكذبونه، و لا يجد بينهم ناصرا
له منهم إلّا القليل المستضعف. و يستمرّ في عمله و القيام بوظيفته مع اليأس من
هدايتهم و صلاحهم.
2-
لقد كان من نتائج الطوفان و آثاره تثبيت خط التوحيد للّه- تعالى- في التأريخ البشري
من خلال البقية الباقية لذرية نوح المؤمنين مع بقاء هذه الحادثة قائمة في الذاكرة
التاريخية للبشرية، و كذلك لم يشهد التأريخ البشري حادثة اخرى مماثلة لهذه الحادثة
بعد ذلك، بل كان العذاب ينزل في هذه الجماعة الخاصة أو تلك، و إنّ العذاب كان ينزل
بسبب الانحرافات الأخلاقية و الاجتماعية التي تتعرض لها هذه الجماعات.
3-
إنّ رواية القصّة في التوراة جاءت متفاوتة مع ما ذكر منها في القرآن الكريم، كما
أشرنا آنفا. و يمكن أن نلاحظ الاختلاف بين القرآن و التوراة في النقاط المهمة
التالية:
أ-
وجود تفاصيل في النص القرآني- على عمومه و إجماله- ذات مغزي مهم لم تذكر في
الرواية التوراتية الموجودة، مثل: استثناء امرأة نوح[1]
من النجاة و غرق ولده، بل صرحت التوراة بدخول امرأته في الفلك و نجاتها، و لم تذكر
ابن نوح الغريق.
و
كذلك يصرّح القرآن بنجاة المؤمنين بنوح على قلتهم، مع أنّ التوراة تقتصر على خصوص
نوح و أهله.
[1] - يصرح القرآن الكريم بهذا المغزى عند ما يضرب
امرأة نوح و امرأة لوط مثلا للذين كفروا في سورة( التحريم) و منه يمكن أن نفهم
المغزى من هلاك ابن نوح؛ لأنّه لا توجد لأحد عند اللّه قرابة، و أنّ الكرامة عند
اللّه تعالى هي للإيمان و العمل الصالح.