تفاوت فيها
حسناً وقبحاً، وفاعلوها لا يختلفون في الاستحقاق مدحاً ولا قدحاً.
فلو
أنّ رجلًا أسدى عظيم الإحسان إلى إنسان، ثمّ احتاج إليه بأهون شيء، فقابله بالردّ
والهوان أو القتل والحرمان، ولم يكن ذلك الفعل ممّا يعود إلينا أبداً بمنفعة أو
مضرّة، وقطعنا النظر عن حكم الديانة بتقبيحه وتحريمه، لم نجد فيه عندهم شناعة ولا
استغراباً وبشاعة!
وهذا
الحكم عندهم سارٍ في أفعال الخالق والمخلوق جميعاً[1].
سوى
أنّ أفعال المخلوق قد تصير حسنة أو قبيحة بعد تعلّق أحكام الديانات بها إيجاباً أو
تحريماً، بخلاف أفعاله المقدّسة، فإنّه لا مجال للعقل فيها بتحسين أو تقبيح أبداً.
فلو
عذّب العبد الذي أفنى عمره بالطاعة والعبادة وخلّده في جهنّم، وأنعم على الشقي
الذي أهلك العباد وأفسد البلاد بالقتل والظلم وأدخله الجنّة، لم يكن ذلك منه
قبيحاً ولا خلافه حسناً، بل كلّ ما يفعله ويأمر به هو الحسن، وكلّ ما يتركه أو
ينهى عنه فهو القبيح، لا أنّه يفعل ما هو الحسن لحسنٍ ذاتي يدعوه إلى فعله، أو
يترك الشيء لقبحٍ ذاتي يوجب تركه.
ومن
هنا لزم مقالتهم هذه إنكار كونه (تعالى) عادلًا بالمعنى الآتي قريباً، بل صرّحوا
بإنكاره وجواز أن يُدخل النار من أطاعه والجنّة من عصاه قائلين: بأنّ كلّ ما يفعله
هو العدل كيف ما كان[2]!
وقد
خالفهم في ذلك قاطبة العقلاء وضرورة العقول، وتظاهر في خلافهم