responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 259

«أَمَّنْ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَ الْأَرْضِ أَ إِلهٌ مَعَ اللَّهِ قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ»[1].

ووجه الاستدلال بهذا البيان- بحيث يعود إلى البرهان- هو: أنّ كلّ من تأمّل واعتبر ودقّق النظر وفكّر في كلّ جزءٍ من أجزاء العالم الكبير، من الحقير والخطير، من الذرّة إلى الذرى‌، ومن العرش إلى الثرى، وفسّر من كتاب اللَّه التكويني آية من آياته في أرضه أو سماواته، وعرف من العالم حسن موضعها ولزوم موقعها، واحتياج باقي الأجزاء إليها، وتوقّف النظام عليها، وارتباط بعض الأجزاء ببعض، وما تعمل السماء ومائها في الأرض، وتوقّف حياة أهلها على حياتها، وحلاوة عيشهم بنباتها، إلى غير ذلك ممّا يقصر عنه البيان ويكلّ دون أقلّه اللسان، وإنّما يأتي عليه المتفكّر في نفسه ويصيبه المتأمّل بقوّة حدسه.

وهكذا لو نظر في العالم الصغير وطبّقه على العالم الكبير كتطبيق الكتابين:

الأنفسي، والآفاقي، وأجال بصيرة القلب وبصر العين في الغابر والباقي، واستبطن الظاهر الجلي حتّى وصل إلى سرّه الباطن الخفي، وعرف ما اشتملت عليه أجزاء بدنه من دقائق الحكم وعجائب الصنع وغرائب الإبداع وبواهر الاختراع، وتلطّف حتّى رأى بمستحكم الإيقان ونيّر العرفان ما روعي في خلق الإنسان من الحكمة والإتقان، حتّى صارت العين في ملوحة، والأُذن في مرارة، والفمّ في عذوبة، ورُبطت الجوارح بعضها ببعض، بحيث صار يتوقّف حصول الفائدة من كلّ جارحةٍ على حصول فائدة الأُخرى، وعاد فقد بعضها موجباً لعدم الانتفاع بأخواتها وإن كانت صحيحة المجرى..


[1] سورة النمل 27: 64.

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 259
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست