قل
لي من يهبط روح السكينة على عزيز قوم ذلّ أو غني افتقر إذا احتبى القرفصاء[2]
يفتكر في مثابته بعد فناء ثروته في كبد الظلام الحالك، يتنفّس الصعداء وتصوب
أجفانه بجمان[3] الدموع؟!
قل
لي من يمسح بجناح الصبر والسلوان وينزل ملاك السكينة على فؤاد أُمٍّ فقدت واحدها
في ريعان شبابه وزهرة أيّامه وميعة صباه غير إيمانها بأنّه أصبح وديعةً لدى مبدعه
الذي هو أشفق عليه منها، وسيجمع بينه وبينها في أهنى من هذه الدار وأطيب من هذا
العيش؟!
ألا
وإنّي ممّن دهمته فجائع الدهر بمثل هذه الرزية في ريعان شبابي وميعة أيّامي، وبلغ
بي الوجد حدّاً كنت أفتكر هل أرمي بنفسي من حالق، أو أقذف بها في مكان سحيق، أو
انتظر حتّى يقضي الحزن عليها، فإنّه منها قريب؟! ثمّ لم يكن غير ليالٍ حتّى فزعت
إلى ديني، وأخذت بعروة يقيني، وسلّمت الأمر إليه ثقةً به وتفويضاً إليه.
فهل
بعد هذا كلّه إلّاأن نقول: إنّ الدين هو الراحة الكبرى والنعمة العظمى وأعظم لوازم
الإنسانية وأهمّ ما يجب للطباع البشرية؟!
هل
إلّاأن نقول: إنّ الأديان سياج العمران وحصن الحياة ومعقل الأُمم، وأنّ الحياة لا
تطيب لأحد إلّابه، ولو قبض السماوات بيمينه والأرض بشماله لما