responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 184

ثمّ تتوارد عليه هكذا تلك الغرائز والفطر، تنبع من ينبوع نفسه وتبرز من خزانة صميمه، لا يفتأ أن يفرّق بين الموجود والمعدوم وبين النافع وغيره، فيميل إلى الأوّل ويسكن إليه من ظئر ترضعه أو أُمٍّ تربّيه، فيهشّ إليها ويبتهج بها ولا يأوي إلى جناح غيرها ..

وهكذا تربو وتتزايد معه تلك الخلال- حسب نموّه وتربيته- فيكون لها من نفسه المكانة السامية والمقام الأعلى، حتّى كأنّه هي نفسه وبها كيانه.

وهذه هي البديهيات الأوّلية التي تردّ إليها جميع النظريات وتنتهي إلى حكومتها سائر الأدلّة، وإلّا فلا غناء بها ولا معوّل عليها.

وفلسفة ذلك وأقصى‌ أثر سرّه وأسبابه: أنّ الإنسان- كما يجد كلّ أحد من ذاته ويحسّ به من نفسه- لا يزال- كما نبّهناك عليه- يدأب في حركة فكرية وتجوّلات نظرية في تعرّف كلّ مجهول والإحاطة بكلّ موجود وتحصيل كلّ مفقود منها بعيد عنها، كأنّها ترى أنّ عدم دخول شي‌ء في حيطتها وخروجه عن سيطرة ملكوتها نقص في استكمالها وضيق في سعتها، وهي ممّا لا ترضى‌ بالنقص ولا ترغب إلّافي البسطة والكمال.

فعند كلّ نظرة إلى كلّ شي‌ء ينقدح لها السؤال: ما هو؟ ومن أين هو؟

فيرجع لسان الفكرة منها عن الجواب وهو كليل، ويرتدّ طرف النظر خاسئاً وهو حسير.

وحين تجد عوزها وفقدها لذلك الشي‌ء وعدم وجدانها له ينبعث لها الشوق الأكيد إلى طلبه وتحصيله، فتردّده في معقولاتها وتقول: هل هو كذا، أم كذا شجر مثلًا، أم حجر؟

وهذا التشكيك والترديد هو الذي يدفع إلى الطلب والبحث.

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 184
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست