تفاعل
الجواهر الفردة ودقائق المادّة الجاري على نواميس معيّنة، ومن تلك الجواهر تركّب
سديم العوالم، وأنّ ذلك التفاعل من الحركة الاضطرارية وتضادّ الدفع والجذب، وأنّ
تلك المادّة والحركة هما الأزليتان الفعّالتان في نواميس الكون وظواهر الوجود.
لا
أبحث في هذا، ولا في خصوص أنّ الإنسان كيف كان، وهل هو- كما ذكر (حيّ بن يقظان)[1]-
ربيب تلك الظبية الوحشية التي أنست إليه وأنس إليها فأصبحت ظئراً له حتّى كان من
أمره ما كان، أم هو- كما يقول (بخنر)[2] في مقالته
الأُولى من شرح مذهب (داروين) مكفّر الملايين وأُستاذ المعطّلين في هذه العصور
التي هي الأجدر بأن تسمّى: بالعصور المظلمة لا ما تقدّمها- هل هو- كما يقول-:
(إنّه تجلّى لنا وجه أبينا من وراء حجب القدم ينظر إلينا بعينين تتوقّدان بنيران
الشبيبة الأزلية قائلًا: قبل اللَّه كنت)، وإنّ هذا الأب الأزلي- على رأيه- كان في
بعض الأزمنة قرداً، وكان- قبل ذلك- كُييساً هلامياً أو مخاطاً، وإنّه كان نقيعاً
في الماء لاصقاً بصخره، وما زال يتدرّج في سلّم النشوء والارتقاء حتّى بلغ إلى
طوره اليوم[3]، (وليته
لا بلغ!).
[1] حي بن يقظان، بطل قصّة خيالية كتبها أبوبكر محمّد
بن عبدالملك بن طفيل القيسي المتوفّى سنة 580 ه.
( بين الدين والفلسفة 82- 83،
مبادئ الفلسفة 134، موسوعة أعلام الفلسفة 1: 33).