وأقرب
الأشياء منه، فأنكرها من حيث يدري ولا يدري، وجحدها من حيث يشعر ولا يشعر؟!
ثمّ
أيّ بليّة أعظم من أن تسوقنا الصروف وتقضي علينا الضرورات بالوقوف في صفّ البحث مع
مثل هذه الناشئة الحمقاء، التي كسدت عندها الحقائق وراج لديها سوق الأوهام، التي
جاءتنا بتيّار من الجحود المحض والإنكار المجرّد وتعتدّه آلة وأداة لإبطال كلّ
شاهقة راسخة الدعائم مبتنية قصرها المشيّد على كلّ أساس وطيد من العلم والمعارف؟!
وهكذا
يفنى الفضل، وتذهب الفضائل، ويدرس العلم، وتضيع الحقائق:
هكذا يفسد الزمان ويفنى ال
- علم
فيه ويَدرُس الأثرُ
أفترجو
ممّن أنكر نفسه وضغط على شعوره وتهالك على إماتة وجدانه أن يصل به العلم إلى معرفة
خالقه والإلمام بمبدأه ومعاده؟!
كلّا،
ذلك رجع بعيد وأمر إن لم يكن من المستحيل فهو من الصعب الشديد.
أتعجب-
بعد هذا- ممّا تجاهر به قائلهم ولم يخش في قوله حيث يقول:
(ما
اللَّه خلق الإنسان، إنّما الجواهر الفردة أنشأته، وما بمجد اللَّه تحدّث
السماوات، إنّما تذيع مجد علماء الأفلاك!).
أوَ
تضحك ولا تبكي أو تبكي ولا تضحك من هلج[1]
الآخر وهملجته[2] في العمى
حيث يقول:
[1] الهلج: ما لم يوقن به من الأخبار. والهالج: الكثير
الأحلام بلا تحصيل.( لسان العرب 15: 114).
[2] الهملجة: حسن سير الدابّة في سرعة وبخترة.( العين
للفراهيدي 4: 118).