وبعبارة
صناعية: أنّ من المحتمل أن يكون بقاء تلك النعم- بعد الالتفات إليها- منوطاً بشكره
عليها، وشكره ضرورياً منوط وموقوف على معرفته؛ إذ الشكر هو: الثناء عليه بما يليق
به وينبغي له، فتجب المعرفة دفعاً لذلك الضرر المحتمل، إمّا مقدّمة للشكر أو
بنفسها.
ويحصل
من هذا البيان برهان صناعي، وهو: أنّ المعرفة مقدّمة للشكر الواجب دفعاً للضرر،
وكلّ واجب فمقدّمته واجبة عقلًا، فالمعرفة إذاً واجبة عقلًا.
ويصحّ
جعل الوسط نفس دفع الضرر، لتكون المعرفة واجبة بالذات لا بالمقدّمة.
والمراد
بالشكر هنا- كما عرفت- الثناء الجميل أو فعل المحبوب أو الأعمّ منهما، لا خصوص
الطاعة وامتثال الأمر، ليتطرّق المنع من وجوبه بهذا المعنى، إلّا بعد ثبوت وجوب
الطاعة ومعرفة المطاع وما يطاع به، فيلزم ما يسمّونه[1]:
بالدور[2]؛
إذ هو بالمعنى المتقدّم لا يتوقّف إلّاعلى معرفة المنعم؛ ليمكن الثناء عليه بما هو
أهله وما يسوّغه للمرء عقله أو بموافقة ما فيه رضاه وما هو محبوبه ذاتاً لا أمراً
وتكليفاً، فتدبّره جيّداً.
هذا
تحرير دليلهم على أتقن وأبين وجه.
ونحن
نطويه على غرّه وبُلُلاته[3]، ولا
نعقّبه من القول إلّامن وجهة واحدة نجدها عميمة الجدوى: