responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 141

اتّفقوا في مبادي السير والحركة ووحدة الغاية والمقصد، وطووا بسير واحد جمّ مراحل وجملة منازل، حتّى إذا بلغوا ذلك المجهل ووقفوا على دارة أُمّ الطبائع والأجسام تنابذوا فيه وتشاغبوا وتشظّوا وتوزّعوا:

فقال بعض: هذه هي الغاية التي نتطلّبها والضالّة التي ننشدها.

وقال آخرون: بل هذه إحدى منازل السير ومراحل الطريق، والغاية من وراءها، وكيف تكون هي ضالّتنا وليس عليها أثر من آثارها ولا سِمة من سماتها؟!

وبعد طول الشغب والصخب افترقوا غير وادعين، والخلاف جوهري ما بينهم.

فسار قوم إلى حيث تيسّر لهم السير بعد أن عرفوا أنّ تلك التي تسمّى‌:

بالمادّة أو الطبيعة إنّما هي نَشَاء الإرادة وإحدى نابتات أرضها المقدّسة.

أمّا الآخرون فأخلدوا إلى أرض الطبيعة، وهاموا بالبحث فيها، وقصروا النظر عليها.

وليس الغرض هنا الخوض في ذلك وفصل الخصومة فيما بينهم، فإنّ لهذا المقام ما بعده، وإنّما الأصيل بالقصد فيما هنا: أنّ الطبائع البشرية والغرائز الأوّلية مجتبلة ومفطورة حتّى كأنّها مقهورة على الطلب والبحث في العلل والأسباب والمبادي والغايات لكلّ شي‌ء، حتّى تجد وتعرف أو تكلّ وتقف.

وهذه الغريزة من أكبر النواميس المتمّمة بل المقوّمة لنظام الكون والعمران، كما لا يخفى على جهابذة الباحثين.

فمغزى القوم من حكمهم بوجوب النظر ولزوم المعرفة إن كان إشارة إلى هذا الدافع الطبيعي والسائق الغريزي في النفوس فهو ممّا لا ريب فيه، وإن كان‌

اسم الکتاب : الدين و الإسلام أو الدعوة الإسلامية المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    الجزء : 1  صفحة : 141
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست