اسم الکتاب : الإسلام و إيران، عطاء و امتنان المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 565
لرعاية
العدل والمساواة الإسلامية، وقد تحمل لذلك التبعيد والأتعاب المضنية المرهقة، حتى
ارتحل من الدنيا في منفاه غريباً.
وجاء
اليوم بعض المستشرقين يطرحون تساؤلًا يقول: ياترى من كان يحرك أباذر لهذه الحركات؟
وهم يفتشون عن عامل من خارج عالم الإسلام حرك أباذر هكذا! ويردّ عليهم جورج جرداق
المسيحي في كتابه «الإمام عليّ صوت العدالة الإنسانية» يقول: «لقد فطن هؤلاء
المؤلفون لعبدالله بن سبأ والمزدكية، ولم يفطنوا لأبي ذر والإسلام. وهالهم «تأليب
ابن السوداء الناس على الأئمّة» فراحوا يجدّون فيه سبب النقمة على عثمان، ولم
يهُلْهُم ما أنكره المسلمون على عثمان، وما ينكره كلّ شعب على كلّ حاكم في كلّ عصر
من إيثار الفئة القليلة على الجماعة الكثيرة، ومن استئساد هذه الفئة برأي الحاكم
وبعونه! لهذا راحوا يسألون الساقية الناضبة البعيدة عن مصدر الغيث ولم يسألوا
البحر المحيط القريب»[1]!
ونرى
مثل ذلك في موضوع العرفان، فالمستشرقون هنا أيضاً يفتشون عن منبع غير الإسلام
ليكون هو الملهم للمعنويات العرفانية بينما هم يتجاهلون هذا البحر العظيم! فهل
يمكننا أن ننكر كلّ هذه المنابع من القرآن والحديث والخطب والاحتجاجات والأدعية
والسيرة من أجل أن نصدق فرضية بعض المستشرقين وأذنابهم من الشرقيين؟!
ومن
حسن الحظ أن بعض المتأخرين من المستشرقين مثل نيكولسون الإنجليزي وماسينيون
الفرنسيممن يعترف لهم الجميع بمطالعاتهم الوسيعة في العرفان الإسلامي اعترفوا بأن
المنبع الأصلي للعرفان الإسلامي هو القرآن والسنة، يقول نيكولسون بهذا الصدد: