اسم الکتاب : الإسلام و إيران، عطاء و امتنان المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 249
إلّا أن
الفردوسي يقول: أنّه جعل النار قبلة لنفسه، بينما هو يعبّر عن تعظيم النار و
تقديسها بالعبادة: «پرستش» وهذا من تلك التعبيرات التي وجدت بعد الإسلام دفاعاً عن
تعظيم النار وتقديسها.
ويعكس
الفردوسي في بعض أشعاره دفاعهم عن عبادة النيران فيدّعي أنّها إنّما هي محراب لهم
وقبلة لعبادتهم وليست معبوداً. فمثلًا يقول في قصة ذهاب كيكاوس وكيخسرو الى معبد
«آذرگشنسب»:
«كانوا
هناك أُسبوعاً في عبادة ربهم ...
ولا
تتوهم أنّهم كانوا يعبدون النيران نفسها ...
إنّما
كانت النار حينذاك محراباً لهم ...
وهم
كانوا يعبدون ربهم بعيون باكية
إنّما
كانت النار لهم بجمالها ...
كما
يكون للمسلمين العرب محاريب الحجر».
هل
النار محراب للعبادة أم معبود؟
إنّ
مسألة الثنوية التي تكلمنا حولها في الفصول السابقة إنّما ترتبط بكيفية تفسير
الإنسان للوجود والعالم. وإنّ الفكر الثنوي يقابل الفكر التوحيدي سواء التوحيد
الذاتي أو التوحيد الأفعالي.
وإنّ
تعظيم وتقديس النار لاربط له بالتفسير العام لعالم الوجود ولابمسألة الذاتي ولا
الأفعالي، بل إنّما يرتبط بالتوحيد العبادي. وصورة المسألة هنا هي أن تقول: ما هو
وضع الزرادشتيين في عبادة النيران مع قطع النظر عن مسألة التوحيد الذاتي
والأفعالي، ومع قطع النظر عن ثنويتهم أو عدمها ... وبعبارة أُخرى نقول: ماذا كانت
سيرتهم من الشرك والتوحيدمن حيثالعمل أي منحيث رد الفعل العبادي أمام خالق
العالم؟ فهل كان توحيدياً أو مشركاً؟
اسم الکتاب : الإسلام و إيران، عطاء و امتنان المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 249