اسم الکتاب : ولاية الفقيه و ما يتعلق بها (دليل تحرير الوسيلة للإمام الخميني) المؤلف : السيفي المازندراني، الشيخ علي أكبر الجزء : 1 صفحة : 13
الولاية
في عصر الحضور
مسألة
1: ليس لأحد تكفّل الأُمور السياسيّة، كإجراء الحدود و القضائية و المالية، كأخذ
الخراجات و الماليّات الشرعيّة، إلّا إمام المسلمين (عليه السّلام) و من نصبه لذلك
(1).
مقتضى
القاعدة الأوّلية
(1)
و ذلك لأنّ مقتضى الأصل الأوّلي العقلي انحصار الولاية على الحكم في اللَّه
تعالى.
و
يمكن الاستدلال لذلك بوجهين:
الأوّل:
لا يشك العقل في عدم نفوذ حكم أحد غير اللَّه تعالى في حق غيره؛ حيث لا يرى حق
الطاعة و المولوية إلّا للَّه تعالى؛ و ذلك لحكمه بأنّه موجدهم و رازقهم و وليّ
نعمهم و مالكهم، فلا يرى لغيره حق سلطنة على العباد إلّا من أذنه اللَّه تعالى
للحكومة عليهم.
و
السرّ في ذلك: أنّ في نظر العقل إنّما يجب طاعة من يرى ملاك وجوب الطاعة حاصلًا في
حقه.
و
ملاك وجوب الطاعة إنّما هو ثابت بنظر العقل في حق اللَّه تعالى؛ حيث يرى جميع
النعمات من أصل الوجود إلى جميع ما يحتاج إليه البشر في حياته و معاشه، من أُصول
النعم من جانب خالق الوجود و ربّ العالمين؛ فلذا يحكم بوجوب حمده و شكر نعمه و
يستقل بطاعة ذاته المقدّسة؛ شكراً لنعمائه.
و
من هنا يحمل الأمر بالطاعة في قوله تعالى أَطِيعُوا اللَّهَ ..[1]، و
الأمر بالعبادة في قوله تعالى يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا
رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ ..[2]، و
نحوهما من الآيات الآمرة بطاعة اللَّه و عبادته على الإرشاد إلى حكم العقل بذلك؛
شكراً لنعمته تعالى؛ أو إلى مقتضى الفطرة، من دفع الضرر و العقاب الأُخروي الدائم
الناشي من عصيان أمر اللَّه تعالى و مخالفة حكمه.
توضيح
ذلك: أنّ العقل لا يرى حق المولوية و التكليف، إلّا للمنعم بما يوجب له ذلك في
نظره. قال الشيخ الطوسي (قدّس سرّه) في بيان صفات من له التكليف و حق الطاعة-:
«أمّا صفات المكلّف فيجب أن يكون حكيماً مأموناً منه فعل القبيح .. ليعلم انتفاء
وجه القبح عن التكليف .. و أن يكون قادراً على الثواب .. و يجب أن يكون منعماً بما
يجب له به العبادة.
و
العبادة لا تستحق إلّا بأُصول النعم من خلق الحياة و الشهوة و البقاء و القدرة و
كمال العقل و خلق المشتهي و غير ذلك مما لا يدخل نعمة كل منعم في كونها نعمة