يمكن تقريب استحالة الدور و التسلسل بوجهين:
الأوّل: امتناعهما الذاتي؛ بمعنى أنّ الوجود الدوري
و التسلسلي مستحيلان ذاتاً في نفسه، مثل استحالة اجتماع الضدين و
المتناقضين.
أما الدور، فالوجه في استحالته الذاتي، استحالة توقف كلّ من
الوجودين على الآخر. و ملاكه امتناع دوران التوقف بين الوجودين. و
علّية كل واحد منهما للآخر في أصل وجوده من غير توقف على ثالث. و
السرّ في الاستحالة أنّ ذلك يؤول إلى كون ما هو معلول للغير علّةً لنفسه
؛ لفرض عليته لذلك الوجود الآخر.
و أما التسلسل: فالوجه في استحالته امتناع توقف وجود كل معلول
على وجود ما قبله- من العلّة التامة- إلى ما لا نهاية له. و السرّ فيه امتناع
عدم انقطاع المعلولية إلى غير النهاية؛ فانّ هذا في نفسه مستحيل عقلًا.
الثاني: استحالتهما بالعرض (بالغير).
و الوجه في ذلك عدم خروج الوجودين الدرويين كليهما و جميع
الوجودات التسلسلية إلى غير النهاية عن دائرة الامكان، بل كلها داخلة
في الممكنات. و العقل يستقل بلزوم انتهاء وجود الممكنات إلى وجود
الواجب بالذات.
و السر في ذلك: أنّ الشيءَ الممكن مستوي النسبة إلى الوجود و
العدم و يستحيل تحققه بلا مرجّح مخرج له من ظلمة العدم إلى نور