من أن الأوّل (تعالى) لا يتكثر لاجل تكثر صفاته لأنّ كل واحدة من صفاته
إذا حققت تكون الصفة الاخرى بالقياس إليه، فيكون قدرته حيوته و
حيوته قدرته و تكونان واحدة، فهو حى من حيث هو قادر و قادر من
حيث هو حى و كذا في سائر صفاته- إلى أن قال- و إنّما علوّه و مجده و
تجمله و بهائه، بمبادى هذه الصفات التي هي عين ذاته الاحدية اى:
يكون ذاته (تعالى) في ذاته بحيث ينشأ منه هذه الصفات و ينبعث عنه هذه
الاضافات، و كما أن ذاته بذاته، مع كمال فردانيته و أحديته، يستحق هذه
الأسماء من العلم و القدرة و الحيوة من غير ان يتكثر و يتعدد حقيقة او
اعتباراً و حيثية؛ لأنّ حيثية الذات بعينها حيثية هذه الصفات كما قال
«ابوا نصر الفارابي»: وجود كله، وجوب كله، علم كله قدرة كله، حيوة
كله لا أن شيئاً منه علم و شيئاً آخر منه قدرة ليلزم التركيب في ذاته. و لا
أن شيئاً فيه علم و شيئاً آخر فيه قدرة ليلزم التكثر في صفاته
الحقيقية».[1]
و الحاصل: أنّ جميع صفاته الكمالية، بل السلبية ترجع إلى وجوده
الواجب الصِّرف المحض بالتحليل العقلي. و ذلك؛ لأنّ الوجود الواجب
المحض لا تتطرق إليه أيّة جهة سلبية عدمية، كما يرجع إليه جميع
شؤون الوجود و الكمال، بل هي كلّها عين الوجود المحض الصِّرف
[1] -/ الاسفار: ج 6، ص 120- 121.