يستطيع من معرفته كما هو حق معرفته تعالى.
و الحاصل: أنّ هناك نوعين من البينونة.
أحدهما: بينونة صفة. و هي التغاير في سنخ الوجود و كيفيته و
صفته. كما تقول العالم و الجاهل و الأعمى و البصير و الغني و الفقير.
ثانيهما: بينونة عزلة. و هي التغاير بالتحديد و التجزئة و العدد. كما
تشير إلى أجزاء بدن الانسان فتقول: هذا رأس و ذاك عين، و ذلك رجل،
أو تقول: «في هذا البستان سبعة أشجار»، أو «عندي مأة درهم»، أو
«هذاشمال البلد و ذاك جنوب البلد» أو «هذا في جانب اليمين و ذاك في
جانب اليسار» و هكذا.
و إنّما سميت بينونة عزلة؛ لأنّ المغايرة و الانفكاك فيها إنّما هي
بانعزال الآحاد المتباينة و تحديدها و تجزئتها.
و المقصود من بينونة الصفة في تميز ذات الباري، عن خلقه، أنّ ذات
الباري و وجوده و صفاته من غير سنخ ذوات المخلوقات و وجودها و
صفاتها.
و ذلك لأنّ ذوات المخلوقات من قبيل الأجناس و الأنواع، و لا جنس و
لا نوع، بل و لا ماهية له محدّدة بالجنس و الفصل و الحدّ التام، كما في
ذوات مخلوقاته.
أما الوجود، فانّ وجود المخلوقات مرئي محسوس، بخلاف وجود
الباري، فانّه معقول فقط.