و ليس شيء
من المعاني الاسمية يكون الربط ذاتيا له، لأنّ ما كان الربط ذاتيا و مقوّما له- و
بعبارة اخرى عين حقيقته- يستحيل تصوره مجردا عن طرفيه، لأنّه مساوق لتجرّده عن
الربط، و هو خلف ذاتيته له، و كلّ مفهوم اسمي، قابل لأن يتصوّر بنفسه مجرّدا عن
أيّ ضميمة، و هذا يثبت أنّ المفاهيم الاسمية غير تلك المعاني التي يكون الربط
ذاتيا لها، و هذه المعاني هي مداليل الحروف، إذ لا يوجد ما يدل على تلك المعاني
بعد استثناء الاسماء إلا الحروف.
و
حتى نفس مفهوم النسبة و مفهوم الربط المدلول عليهما بكلمتي النسبة و الربط، ليسا
من المعاني الحرفية، بل من المعاني الاسمية، لإمكان تصورهما بدون اطراف، و هذا
يعني انهما ليسا نسبة و ربطا بالحمل الشائع، و إن كانا كذلك بالحمل الاولي، و قد
مرّ عليك في المنطق أنّ الشيء يصدق على نفسه بالحمل الاولي، و لكن قد لا يصدق على
نفسه بالحمل الشائع، كالجزئي، فانه جزئي بالحمل الأولي، و لكنه كلي بالحمل الشائع.
و
هذا البيان كما يبطل الاتجاه الأوّل، يبرهن على صحة الاتجاه الثاني إجمالا، و
توضيح الكلام في تفصيلات الاتجاه الثاني يقع في عدة مراحل:
المرحلة
الاولى: انّا حين نواجه نارا في الموقد مثلا ننتزع في الذهن عدة مفاهيم:
الأوّل:
مفهوم بإزاء النار. و الثاني: مفهوم بإزاء الموقد و الثالث:
مفهوم
بإزاء العلاقة و النسبة الخاصة القائمة بين النار و الموقد.
غير
ان الغرض من إحضار مفهومي النار و الموقد في الذهن، التمكّن