و أما
الثاني: فلأنّنا لا بدّ أن نلتزم إمّا بافتراض الشرطين علّتين مستقلتين للجزاء، و
هذا يعني تقييد المفهوم؛ و إمّا بافتراض انّ مجموع الشرطين علّة واحدة مستقلة، و
هذا يعني الحفاظ على اطلاق المفهوم و تقييد المنطوق في كل من الشرطيتين بانضمام
شرط الاخرى الى شرطها، فالتعارض إذن بين اطلاق المنطوق و اطلاق المفهوم و النسبة
بينهما العموم من وجه، فالصحيح انهما يتعارضان و يتساقطان و لا جمع عرفي.
2-
إذا وردت جملتان شرطيتان متحدتان جزاء و مختلفتان شرطا، و ثبت بالدليل انّ كلا من
الشرطين علّة تامّة و وجد الشرطان معا فهل يتعدّد الحكم أولا؟ و على تقدير التعدّد
فهل يتطلب كل منهما امتثالا خاصا به أولا؟ و مثاله: إذا أفطرت فاعتق، و إذا ظاهرت
فاعتق.
و
المشهور انّ مقتضى ظهور الشرطية في علّية الشرط للجزاء أن يكون لكل شرط حكم مسبّب
عنه، فهناك إذن وجوبان للعتق؛ و هذا ما يسمّى باصالة عدم التداخل في الاسباب،
بمعنى انّ كل سبب يبقى سببا تامّا و لا يندمج السببان و يصيران سببا واحدا، و حيث
انّ كل واحد من هذين الوجوبين يمثّل بعثا و تحريكا مغايرا للآخر فلا بدّ من
انبعاثين و تحرّكين، و هذا ما يسمّى باصالة عدم التداخل في المسبّبات، بمعنى ان
الوجوبين المسبّبين لا يكتفى بامتثال واحد لهما.
فان
قيل: انّ هذين الوجوبين إن كان متعلقهما واحدا، و هو طبيعي العتق في المثال، لزم
امكان الاكتفاء بعتق واحد. و ان كان متعلق كل منهما حصة من العتق غير الحصة
الاخرى، لزم تقييد اطلاق مادة الأمر في «أعتق» و هو خلاف الظاهر.