الحقيقي-
كما شرحناه آنفا- يظهر انهما يختلفان في هذه النقطة، فبينما العبرة في الانحلال
الحكمي بعدم تأخّر نفس المنجّز الشرعي عن العلم الاجمالي، نلاحظ انّ العبرة في
الانحلال الحقيقي كانت بملاحظة جانب المعلوم التفصيلي و عدم تأخّره عن زمان
المعلوم الاجمالي، و ذلك لأنّ ميزانه سراية العلم من الجامع الى الفرد، و هي لازم
قهري لانطباق المعلوم الاجمالي على المعلوم التفصيلي و مصداقية هذا لذاك، و لا دخل
لتاريخ العلمين في ذلك، فمتى ما اجتمع العلمان و لو بقاء و حصل الانطباق المذكور
حصل الانحلال الحقيقي.
5-
اشتراك علمين اجمالين في طرف:
قد
يفترض انّ احد طرفي العلم الاجمالي طرف في علم اجمالي آخر، فان كان العلمان
متعاصرين فلا شك في تنجيزهما معا و تلقّي الطرف المشترك التنجّز منهما معا، لأنّ
مرجع العلمين الى العلم بثبوت تكليف واحد في الطرف المشترك، أو تكليفين في الطرفين
الآخرين.
و
أمّا إذا كان احدهما سابقا على الآخر فقد يقال: انّ العلم المتأخر يسقط عن
المنجّزية، لاختلال الركن الثالث إمّا بصيغته الاولى، و ذلك بتقريب انّ الطرف
المشترك قد سقط عنه الاصل المؤمّن سابقا بتعارض الاصول الناشئ من العلم الاجمالي
السابق، فالاصل في الطرف المختص بالعلم الاجمالي المتأخر يجري بلا معارض. و إمّا بصيغته
الثانية، و ذلك بتقريب انّ الطرف المشترك قد تنجّز بالعلم السابق، فلا يكون العلم
المتأخّر صالحا لمنجّزيته، فهو إذن لا يصلح لمنجّزية معلومه على كل تقدير.