أمّا الأول:
فقد يقرّب بوقوع المنافاة بين الالزامات الظاهرية و الترخيص الواقعي الثابت في
مورد بعضها على سبيل الاجمال جزما.
و
الجواب: انّ المنافاة بينها و بين الترخيص الواقعي إن كانت بملاك التضاد بين
الحكمين فيندفع بعدم التضاد ما دام احدهما ظاهريا و الآخر واقعيا. و إن كانت بملاك
ما يستتبعان من تحرّك أو اطلاق عنان فمن الواضح انّ الترخيص المعلوم إجمالا لا
يستتبع اطلاق العنان الفعلي، لعدم تعيّن مورده، فلا ينافي الاصول المنجّزة في مقام
العمل.
و
أمّا الثاني: فقد يقرّب بقصور في دليل الاستصحاب، بدعوى انّه كما ينهى عن نقض
اليقين بالشك كذلك يأمر بنقض اليقين باليقين، و الأول يستدعي إجراء الاستصحاب في
تمام الاطراف، و الثاني يستدعي نفي جريانها جميعا في وقت واحد، لأنّ رفع اليد عن
الحالة السابقة في بعض الاناءات نقض لليقين باليقين.
و
الجواب أولا: انّ هذا انّما يوجب الاجمال في ما اشتمل من روايات الاستصحاب على
الأمر و النهي معا، لا فيما اختص مفاده بالنهي فقط.
و
ثانيا: انّ ظاهر الأمر بنقض اليقين باليقين أن يكون اليقين الناقض متعلقا بعين ما
تعلّق به اليقين المنقوض، و هذا غير حاصل في المقام، لأنّ اليقين المدّعى كونه
ناقضا هو العلم الاجمالي بالحكم الترخيصي، و مصبّه ليس متحدا مع مصبّ أي واحد من
العلوم التفصيلية المتعلقة بالحالات السابقة للاناءات.
و
عليه فالاصول المنجّزة و المثبتة للتكليف لا بأس بجريانها حتى مع العلم اجمالا
بمخالفة بعضها للواقع. و هذا معنى قولهم: إن الاصول العملية تجري في أطراف العلم
الاجمالي إذا لم يلزم من جريانها مخالفة