أولا: إنّ
العلم الاجمالي يستدعي حرمة المخالفة القطعية.
ثانيا:
يترتّب على ذلك عدم إمكان جريان الاصول المؤمّنة في جميع الاطراف، لأنّه يستوجب
الترخيص في المخالفة القطعية.
ثالثا:
يترتّب على ذلك إنّ الاصول المذكورة تتعارض فلا تجري في أيّ طرف، لأنّ جريانها في
طرف دون آخر ترجيح بلا مرجح، و جريانها في الكل غير ممكن.
رابعا:
ينتج من كلّ ذلك انّ احتمال التكليف في كل طرف يبقى بدون أصل مؤمّن، و كل احتمال
للتكليف بدون مؤمّن يكون منجّزا للتكليف، فتجب عقلا موافقة التكليف المحتمل في كل
طرف باعتبار تنجّزه لا باعتبار وجوب الموافقة القطعية للعلم الاجمالي بعنوانها.
و
التحقيق: إنّ المقصود بتعارض الاصول المؤمّنة في الفقرة الثالثة إن كان تعارض
الاصول بما فيها قاعدة قبح العقاب بلا بيان على اساس أنّ جريانها في كل من الطرفين
غير ممكن و في احدهما خاصة ترجيح بلا مرجح، فهذا غير صحيح، لأنّ هذه القاعدة
نجريها ابتداء فيما زاد على الجامع.
و
بعبارة اخرى: اننا عند ما نعلم اجمالا بوجوب الظهر أو وجوب الجمعة، يكون كل من
الوجوبين بما هو وجوب لهذا الفعل أو لذاك بالخصوص موردا للبراءة العقلية، و بما هو
وجوب مضاف الى الجامع خارجا عن مورد البراءة، فيتنجّز الوجوب بمقدار إضافته الى
الجامع، لأنّ هذا هو المقدار الذي تمّ عليه البيان، و يؤمّن عنه بما هو مضاف الى
الفرد. و هذا التبعيض في تطبيق البراءة العقلية معقول و صحيح، بينما لا يطّرد في
البراءة الشرعية، لانّها مفاد دليل لفظي و تابعة لمقدار ظهوره