مرّ
بنا في الحلقة السابقة[1] انّ الحكم
تارة يجعل على نهج القضية الحقيقية، و اخرى يجعل على نهج القضية الخارجية. و
القضية الخارجية هي القضية التي يجعل فيها الحاكم حكمه على أفراد موجودة فعلا في
الخارج في زمان إصدار الحكم، أو في أي زمان آخر، فلو اتيح لحاكم أن يعرف بالضبط من
وجد و من هو موجود و من سوف يوجد في المستقبل من العلماء، فأشار اليهم جميعا و أمر
باكرامهم، فهذه قضية خارجية.
و
القضية الحقيقية هي القضية التي يلتفت فيها الحاكم الى تقديره و ذهنه بدلا عن
الواقع الخارجي، فيشكّل قضية شرطية، شرطها هو الموضوع المقدّر الوجود، و جزاؤها هو
الحكم، فيقول: اذا كان الانسان عالما فأكرمه، و اذا قال أكرم العالم، قاصدا هذا
المعنى، فالقضية- روحا- شرطيّة، و ان كانت- صياغة- حمليّة.
و
هناك فوارق بين القضيتين: منها ما هو نظري، و منها ما يكون له مغزى عملي.
فمن
الفوارق انّنا بموجب القضية الحقيقية نستطيع أن نشير الى أيّ جاهل، و نقول: لو كان
هذا عالما لوجب اكرامه، لأنّ الحكم بالوجوب ثبت على الطبيعة المقدّرة، و هذا
مصداقها، و كلما صدق الشرط صدق الجزاء، خلافا للقضية الخارجية التي تعتمد على
الإحصاء