و لا إرادة
للدواء إلّا إذا لاحظ الانسان المرض و افترضه في نفسه، أو فيمن يتولّى توجيهه.
و
نفس الفارق بين شروط الاتصاف و شروط الترتب ينعكس على المرحلة الثالثة؛ و هي مرحلة
جعل الحكم، فقد علمنا سابقا انّ جعل الحكم عبارة عن انشائه على موضوعه الموجود،
فكل شروط الاتصاف تؤخذ مقدرة الوجود في موضوع الحكم و تعتبر مشروطا للوجوب
المجعول، و اما شروط الترتب فتكون مأخوذة قيودا للواجب.
و
اذا لاحظنا المرحلة الثالثة بدقّة، و ميّزنا بين الجعل و المجعول- كما مرّ بنا في
الحلقة السابقة-[1] نجد انّ
الجعل باعتباره أمرا نفسانيا، منوطا و مرتبطا بشروط الاتّصاف بوجودها التقديري
اللحاظي، كالارادة تماما، لا بوجودها الخارجي، و لهذا كثيرا ما يتحقّق الجعل قبل
أن توجد شروط الاتّصاف خارجا. و أمّا فعلية المجعول فهي منوطة بفعلية شروط
الاتّصاف بوجودها الخارجي، فما لم توجد خارجا كلّ القيود المأخوذة في موضوع الحكم
لا يكون المجعول فعليا. و أمّا شروط الترتب فتؤخذ قيودا في الواجب تبعا لأخذها
قيودا في المراد.
و
بهذا نعرف انّ الوجوب المجعول لا ثبوت له قبل وجود شروط الاتّصاف، لأنّه مشروط بها
في عالم الجعل.
و
أما ما يقال: من أنّ الوجوب المشروط غير معقول، لأنّ المولى يجعل الحكم قبل ان
تتحقق الشروط خارجا، فكيف يكون مشروطا؟ فهو مندفع بالتمييز بين الجعل و المجعول، و
الالتفات الى ما ذكرناه من إناطة