موضوع
علم الاصول، كما تقدم في الحلقة السابقة[1] «الأدلّة
المشتركة في الاستدلال الفقهي». و البحث الاصولي يدور دائما حول دليليّتها.
و
عدم تمكّن بعض المحققين من تصوير موضوع العلم على النحو الذي ذكرناه، أدّى الى
التشكك في ضرورة أن يكون لكل علم موضوع، و وقع ذلك موضعا للبحث، فاستدلّ على ضرورة
وجود موضوع لكل علم بدليلين:
أحدهما:
أنّ التمايز بين العلوم بالموضوعات، بمعنى أنّ استقلال علم النحو عن علم الطب،
إنّما هو باختصاص كلّ منهما بموضوع كلي يتميز عن موضوع الآخر، فلا بدّ من افتراض
الموضوع لكلّ علم.
و
هذا الدليل أشبه بالمصادرة، لأنّ كون التمايز بين العلوم بالموضوعات فرع وجود
موضوع لكل علم، و إلّا تعين أن يكون التمييز قائما على أساس آخر، كالغرض.
و
الآخر: أنّ التمايز بين العلوم إن كان بالموضوع فلا بدّ من موضوع لكل علم إذن، لكي
يحصل التمايز، و إن كان بالغرض على اساس أنّ