على ابن
يقطين، و لما انتهت مدّة التقية عاد عليه السّلام إليه قائلا: «ابتدئ من الآن يا
علي بن يقطين و توضأ كما أمرك اللّه تعالى، اغسل وجهك مرة فريضة و أخرى إسباغا و
اغسل يديك من المرفقين ...»[1].
و
أمّا التعبير ب «إلى المرافق» في الآية الكريمة فلا يتنافى و ما عليه الشيعة لان
حرف الجر ليس غاية للغسل بل هو غاية للمغسول، فان لليد إطلاقات متعددة فقد تطلق و
يراد بحدّها انه إلى المنكب و إلى المرفق و إلى الزند، و جاء التعبير ب «إلى» في
الآية الكريمة لبيان حدّ اليد الذي يجب غسله و انه من رؤوس الأصابع إلى المرفق
لبيان المقدار الذي يجب غسله و ليس لبيان كيفية الغسل بداية و نهاية. و هذا نظير
ما إذا قيل لشخص: اصبغ الجدار إلى السقف، فانه لا يفهم منه الابتداء من الأرض بل
المقصود بيان الحد الذي يجب صبغه. و هكذا لو قيل: دهّن يدك إلى المرفق و اصقل
السيف إلى القبضة، فانه لا يفهم من ذلك إلّا تحديد المدهّن و المصقول.
و
إذا قيل: لو كان سبحانه يعبر ب «من» بدل «إلى» حصل كلا المطلوبين: بيان المحدود و
بيان ان الابتداء لا بد و ان يكون من المرفق فلما ذا عبّر ب «إلى»؟
قلنا:
ان الطرف الثاني حيث لم يبيّن فلعله هو الزند- لا رؤوس الأصابع- و هو ليس بمستهجن،
بدليل صحة ان يقال: اغسل يدك من المرفق إلى الزند، فلو قالت الآية الكريمة: اغسلوا
وجوهكم و أيديكم من المرافق لما فهم ان النهاية إلى أين فلعلها الزند.
و
يبقى تساؤل يخالج النفس، و هو ان الآية الكريمة لماذا بيّنت حدّ المغسول و لم تبين
كيفية الغسل و انه من المرفق؟
و
الجواب: لعل ذلك من جهة وضوح الأمر، اذ الحالة الطبيعية لغسل اليد ان
[1] وسائل الشيعة 1: 313، الباب 32 من أبواب الوضوء،
الحديث 3.