و
عليه فالنتيجة التي نخرج بها هي ان آيتنا الكريمة لا تدل إلّا على طهارة الماء في
نفسه، و هي من آيات الأحكام من هذه الناحية لا أكثر و لا تدل على كونه مطهّرا من
الخبث أو من الحدث.
نعم
لا بأس باستفادة الحكم بمطهرية الماء من الحدث من قوله تعالى:
وَ
إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا حيث يدل على ان الماء مطهّر من حدث
الجنابة، إلّا ان هذا موضوع آخر لا ربط له بآيتنا الكريمة، و لا يستلزم دلالتها هي
أيضا على ذلك، و يأتي الحديث عنها فيما بعد إن شاء اللّه تعالى.
ورد
في أسباب النزول ان الآية الكريمة المذكورة نزلت في واقعة بدر حيث سبق المشركون
المسلمين إلى الماء و نزل المسلمون على كثيب رمل و أصبح بعضهم مجنبا و أصابهم
العطش فوسوس إليهم الشيطان بان عدوكم قد سبقكم إلى الماء و أنتم تصلّون بالجنابة و
أقدامكم تسوخ في الرمل فأمطر عليهم اللّه سبحانه الماء ليتطهّروا به من الجنابة و
لتثبت بسببه أقدامهم على الرمل.
و
قد استدل بالآية الكريمة على مطهّرية الماء من الحدث و الخبث. و إذا كانت الآية
الكريمة السابقة قد استعانت بكلمة «طهور» التي لم يثبت كونها بمعنى وسيلة التطهير-
بل يحتمل كونها بمعنى ما كان طاهرا في نفسه من دون أخذ حيثية المطهرية- فان هذه
الآية قد استعانت بكلمة «ليطهركم به» الظاهرة بوضوح في إرادة المطهرية من الغير.