و قد يقال
بإمكان استفادة المطهرية من الحدث منها باعتبار اشتمال الشريعة منذ البدء على
تشريع الصلاة التي لا تكون إلّا بطهور، كما ورد في الحديث[1]،
بل و دل على ذلك أيضا مثل قوله تعالى:
وَ إِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا[2].
و
بالإمكان ان نقول في الجواب: ان تشريع الصلاة و اشتراطها بالطهارة من الحدث لا
يلازم نظر آيتنا الكريمة إلى المطهرية من الحدث إضافة إلى نظرها إلى المطهرية من
الأقذار العرفية بل من المحتمل نظرها إلى خصوص المطهرية الثانية.
و
لا مجال لإثبات التعميم إلّا التمسّك بالإطلاق، و هو متعسر لان الإطلاق في القضايا
يثبت في جانب موضوعها دون محمولها، فلو قيل: العلم نافع ثبت الإطلاق في جانب
الموضوع و فهم منه ان جميع أفراد العلم نافعة، و لا يثبت في جانب المحمول، فلا
يفهم ان العلم نافع بتمام ما للنفع من مصاديق و مراتب.
و
حيث ان كلمة «طهورا» في الآية الكريمة قد وقعت بمنزلة المحمول للماء فلا يثبت لها
الإطلاق.
هذا
مضافا إلى إمكان ان يقال: ان التمسك بالإطلاق فرع وحدة المعنى بان يكون لدينا معنى
واحد و الاختلاف يكون بين أفراده، أمّا إذا كان المعنى متعددا فلا يمكن التمسك به
لان لازمه استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد، و في مقامنا يمكن ان نقول:
ان الطهارة من الأوساخ إذا كانت مرادة فلا يمكن إرادة الطهارة الاعتبارية الشرعية
لان هذه غير تلك و هما بمنزلة المعنيين المتغايرين، إذ إحداهما طهارة بالمعنى
اللغوي و الأخرى طهارة بالمعنى
[1] وسائل الشيعة 1: 256، الباب 1 من أبواب الوضوء،
الحديث 1.
[2] المائدة: 6. و يراجع التنقيح في شرح العروة الوثقى
1: 22.