اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 234
من الجوانب
و إلحاق ضربة قوية به. و هذا أحد فنون الحرب، فيفر المقاتل من وجه العدو موحيا
إليه بالانهزام و لكنه يقصد من ذلك الوقوف وراءه ليلحق به ضربة قاضية.
ب-
ما إذا قصد المقاتل المسلم التحيّز.
و
كلمة «التحيّز» مشتقة من الحيّز، و هو المكان[1].
أي يحرم الفرار إلّا إذا قصد الفار الذهاب إلى مكان آخر. و طبيعي يقصد الذهاب إلى
مكان آخر من أجل ان فيه فئة، أي جماعة من المسلمين.
ثم
ان الفارق بين الاستثناءين هو انه في الأول يفرض الفرار إلى طرف ساحة الحرب و ليس
إلى أي مكان فيها، و أيضا يفرض الفرار إلى الطرف لا بقيد التقوّي بجماعة المسلمين
بل للتمكن من العدو بشكل أقوى، و لكن الاستثناء الثاني لم يفرض الفرار إلى الطرف و
فرض كون الفرار لأجل التقوّي بجماعة المسلمين.
و
بعد توضيح هذين الاستثناءين يصير المقصود من الآيتين الكريمتين:
يا
أيّها الذين آمنوا إذا لقيتم الكفار في ساحة الحرب زاحفين إليكم فلا تفرّوا منهم.
و من يفرّ منهم- غير المتحرّف و المتحيّز- فقد عاد بغضب من اللّه و مأواه جهنم و
بئس المصير.
و
إذا أردنا ان نضم هذين الاستثناءين إلى الاستثناء السابق المتقدّم صار المجموع
ثلاثة.
ثم
ان المحكي عن بعض المفسّرين تخصيص حرمة الفرار من الزحف بغزوة بدر. و لعله استفاد
ذلك من كلمة «يومئذ»، أي اليوم المعهود، و هو يوم بدر[2].
[1] جاء تفسير الحيّز بالمكان في كتاب مجمع البيان 4:
343 عند بحثه اللغوي.
[2] بل في مجمع البيان 4: 343 نسبته إلى أكثر
المفسّرين.
اسم الکتاب : دروس تمهيدية في تفسير آيات الأحكام المؤلف : الإيرواني، الشيخ محمد باقر الجزء : 1 صفحة : 234