اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 77
القرآن قال اقرأه أخماساً اقرأه أسباعاً أما ان عندي مصحفاً
مجزئاً أربعة عشر جزءا اً و الحاصل ان لتالي القرآن ان يقرأ بلا تجزئة و له أن
يجزئه بحسب ما يتهيأ له و يتسع له و هو قد يكون نافذ الفكر في معاني القرآن سريع
التدبر فيها طلق اللسان كثير المزاولة له فيكتفي في ختمه بالمدة القليلة و قد لا
يكون كذلك فيحتاج إلى الشهر و نحوه ثمّ ان هناك آداباً باطنية ينبغي لتالي القرآن
ان لا يخلو منها و نعني بها فهم عظمة الكلام و علوه و عظمة المتكلم فيحضر في قلبه
ذلك و يترك حديث النفس فيكون متجرداً من كل شاغل مقبلًا على ما يقرأه منصرفاً عن
غيره إليه متدبراً لمعانيه أي متفكراً متأملًا فيها (و اصله من تدبر الأمر و النظر
في أدباره و عواقبه) فعنه عليه السلام لا خير في عبادة لا فقه فيها و لا في قراءة
لا تدبر فيها و لو احتاج التدبر إلى ترديد الآية أو السورة رددهما و إن يستوضح من
كل آية ما يليق بها فيستوضح من بعضها قدرته تعالى و عظمته و شدة بأسه و سطوته و
سعة رحمته و نحو ذلك و أن يتخلى عن موانع الفهم فلا يكون همه منصرفاً إلى تحقيق
إخراج الحروف من مخارجها مشغولًا بذلك عن تدبر المعاني و لا معتقد الأمر ركزته في
نفسه عصبية الاتباع أو تقليد المفسرين من غير دليل عليه و لا برهان و ان ما وراءه
من التفسير بالرأي و لا مصراً على ذنب و متصفاً بكبر و نحوه مما يوجب ظلمة القلب و
غشاوته فإن جميع ذلك من موانع الفهم و حجبه و أستاره و ينبغي للتالي ان يتأثر بحسب
اختلاف الآيات فعند ذكر صفاته و نعوت جلاله يتصاغر لعظمته و يتطأطأ خضوعاً لجلاله
و عند الوعيد و التهديد يتضاءل من الخيفة و عند ذكر المغفرة و الرحمة يظهر
الاستبشار و المسرة و نحو ذلك.
تكملة روى بعض علمائنا العارفين عن الصادق عليه السلام فصلًا يتعلق
بما نحن فيه و الأقرب ان الفصل بتمامه من قول الصادق عليه السلام و صادق القول قال
عليه السلام: من قرأ القرآن و لم يخضع له و لم يرق عليه و لم ينشأ حزناً و وجلًا
في سره فقد استهان بعظم شأن الله و خسر خسراناً مبيناً فقارئ القرآن يحتاج إلى
ثلاثة أشياء قلب خاشع و بدن فارغ و موضع خال فإذا خشع لله فرّ منه الشيطان الرجيم
و إذا تفرغت نفسه من الأسباب تجرد قلبه للقراءة فلا يعرضه عارض فيحرمه نور القرآن
و فوائده و إذا اتخذ
اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 77