الحمد لله الذي كتب علينا الصيام أيّاماً معدودات و جعله لنا سبيلا
نهتدي به إلى الفوز بالنجاة و نزكّي به الأبدان من ادناس التبعات و نستعين به على
رياضة الأنفس الطامحة إلى الشهوات و الصلاة و السلام على اشرف الكائنات و آله الغر
الميامين الهداة (أما بعد) فهذا كتاب الصيام الذي هو من جملة الأركان التي بنى
عليها الإسلام و الذي هو جنة من النيران و زكاة للأبدان به يكون النوم عبادة و
النَّفس تسبيحا و العمل متقبلًا و الدعاء مستجاباً و له آداب كثيرة أهمها استعمال
الجوارح في العبادات و صونها عن المعاصي و التبعات و كثرة الاستغفار و الصلاة و
تلاوة القرآن و الدعاء فإن دعوة الصائم لا ترد و القيام بالأعمال الموظفة فيه من
الأدعية و الأذكار المأثورة و النوافل و الاغسال و إحياء لياليه بالعبادة سيما
ليالي الأفراد و خصوصاً الليالي الثلاث التي يرجى أن تكون إحداهن ليلة القدر و لا
سيما الثالثة و الاعتكاف في العشرة الأخيرة و الصدقة فيه و تفطير الصائمين و
التوسعة على العيال و التوسع في المطعم و المشرب فانه لا إسراف في ذلك و إظهار
محاسن الأخلاق و تحمل الشتم و الأذى و التعاون على البر و التقوى فإن الحسنات
تتضاعف فيه أجراً و ثواباً و السيئات تزداد وزراً و عقابا.
و من التطوع فيه الاستهلال و الدعاء عند رؤيته بالمأثور و أفضله دعاء
الصحيفة الكاملة و يمتد وقت الدعاء بامتداد وقت التسمية و الأولى عدم تأخيره عن
أول ليلة فإن لم يتيسر ففي الثانية فإن فاتت ففي الثالثة و ليقرأ الدعاء مستقبلًا
للقبلة غير منتقل عن مكان الرؤية مخاطباً للهلال غير مشير إليه بشيء من جوارحه.
و من المستحبات التسحر و لو بجرع الماء فإن صلوات الله على المتسحرين
و هو مستحب للصائم و لو في غير شهر رمضان و كلما قرب من الفجر فهو افضل و يستحب
الاستغفار و الدعاء في السحر الذي هو من افضل الأوقات و فيه يرجى استجابة الدعوات.
و منها تقديم الصلاة على الإفطار إلا مع شدة منازعة النفس إليه أو
حصول الضعف أو عدم الإقبال على الصلاة أو انتظار إفطاره و يستحب أن يكون الإفطار
اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 53