اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 194
و قد تفضل الشارع بترتيب ثواب العبادة على أمور غير اختيارية
فجعل نوم الصائم عبادة و أنفاسه تسبيحاً و جعل النظر إلى الكعبة عبادة و في وجوه
العلماء عبادة و غير ذلك ثمّ ان أهل العبادة ثلاثة قوم عبدوا الله خوفاً فتلك
عبادة العبيد و قوم عبدوه طلباً للثواب فتلك عبادة الأجراء و قوم عبدوا الله عز و
جل حباً له فتلك عبادة الاحرار و هي افضل العبادة و يروى عن أمير المؤمنين عليه
السلام انه قال (الهي ما عبدتك خوفاً من نارك و لا طمعاً في جنتك و لكن وجدتك
أهلًا للعبادة فعبدتك) و هذا أعلى مراتب العبادة و لو أتى بالعبادة كإتيان الأجير
بالعمل تحصيلًا للاجرة من غير قصد إطاعة و امتثال بل بقصد المعاوضة فلا يبعد
بطلانها كما انه لو أتى ببعض المستحبات بقصد محض ترتب ما لها من الآثار لم تصح و
لم ترتب آثارها.
المقام الثاني في جملة من أحكام العبادات
و هي أمور كثيرة: (منها) وجوب الإخلاص في العبادة و النية و تحريم
قصد الرياء و السمعة بها فعن الرضا عليه السلام انه قال لابن عرفة يا ابن عرفة
اعملوا لغير رياء و لا سمعة فإن من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل الخبر و
متى قصد بها الرياء و لو في الأثناء أثم و بطلت عبادته و قد ورد ان الرياء شرك و
انه يجاء بالعبد يوم القيامة فيقول يا رب قد صليت ابتغاء وجهك فيقال له بل صليت
ليقال ما احسن صلاة فلان اذهبوا به إلى النار و علامات المرائي ثلاث ينشط إذا رأى
الناس و يكسل إذا كان وحده و يحب أن يحمد في جميع أموره (و منها) التظاهر
بالعبادات و هو مستحب إذا كان باعثاً على اقتداء الغير فإن الداعي إلى الخير
كفاعله و العبادة المندوبة سراً افضل منها علانية إلا إذا أراد جب الغيبة عن نفسه
فلا يرمى بالكسل و التهاون و يتأكد استحباب الإسرار لمن خاف على نفسه من الرياء و
يكره ذكر عبادته للناس كأن يقول صليت البارحة و صمت امس و عن أبي جعفر عليه السلام
انه قال الابقاء على العمل اشد من العمل قيل و ما الابقاء على العمل قال الرجل
ينفق نفقة لله وحده لا شريك له فتكتب له سراً ثمّ يذكرها فتمحى فتكتب له علانية
ثمّ يذكرها فتكتب له رياء و أما سرور الإنسان باطلاع غيره على عمله من غير قصد ففي
الخبر انه لا بأس إذا لم يكن صنع
اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 194