اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 188
تعالى:" لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ
إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ
النَّاسِ" و من الأخبار ما ورد عنه صلّى الله عليه و آله و سلّم من ان إصلاح
ذات البين افضل من عامة الصلاة و الصيام و إن من مشى في صلح بين اثنين صلى عليه
ملائكة الله حتى يرجع و أعطى ثواب ليلة القدر و يجوز للمصلح ان يتوصل إليه بجميع
الوسائل المشروعة من القول و الفعل و التهديد و التوعيد و الوعظ و الترغيب و غير
ذلك و يجوز له بذل مال الزكاة في سبيله و لا بأس بالكذب للاصلاح فقد ورد ان المصلح
ليس بكذاب نعم إذا انتهى الأمر إلى المصالحة و إجراء صيغة الصلح فلا بد من مراعاة
ما يعتبر في ذلك من الشرائط المقررة في محلها و لا بد في الإصلاح كغيره من
العبادات من نية القربة و الإخلاص كما قال تعالى بعد قوله" أَوْ إِصْلاحٍ
بَيْنَ النَّاسِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ
نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً".
(و أما الثاني) و هو القضاء و فصل الخصومات فهو من فروض الكفايات على
ذوي الملكات القدسيات و فضله عظيم و ثوابه جسيم و لكن فيه خطر خطير و أثم كبير لمن
لم يثق من نفسه بجامعيته لشرائطه و أهليته لمنصبه و هو و الافتاء توأمان و إن كان
القضاء اشد منه خطراً و اعظم ضرراً فكما يحرم القضاء على من ليس أهلًا للقضاء يحرم
الإفتاء على من ليس أهلًا للفتوى و إذا حكم فحكمه غير نافذ و الترافع إليه غير
جائز و المال الذي يؤخذ بحكمه حرام بخلاف حكم الحاكم الجامع للشرائط فانه حكمه ماض
نافذ لا يجوز نقضه و لا الرد عليه إلا إذا تبين خطاه و إذا علم من نفسه عدم
العدالة أو الأهلية حرم عليه التصدي لذلك و إن اعتقد الناس عدالته و اجتهاده و لما
كان الغرض من تدوين هذا الكتاب بيان ما ينتفع به من لم يبلغ رتبة الاجتهاد من
الأحكام لم نتعرض فيه لأحكام القضاء و شرائطه و توابعه و ما يتوقف عليه و أما بيان
الغرض المقصود فيقع في فصول ثلاثة:
اسم الکتاب : هدى المتقين الي شريعة سيد المرسلين المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ هادي الجزء : 1 صفحة : 188